بغض النظر عن سلامة وصحة الاتفاقية الأمنية بين العراقوواشنطن.. وبغض النظر إن كانت مكسباً للعراق أو خسارة للسيادة.. فالأمر يتعلق بقانونية وشرعية الاتفاقية.. من وجهة نظر عقلانية موضوعية منطقية.. لأن الاتفاق، أو التعاهد لايجوز إلا بين طرفين ندين ، حرين كاملي الإرادة، والسيادة.. وهذا ما هو مقر في كل المواثيق والقوانين الدولية. فإذا أخذنا الاتفاقية الأمنية بين بغداد وواشنطن وبعلم الحكومة العراقية وكذا الإدارة الأمريكية، والهيئة الدولية «الأممالمتحدة» هي بين طرفين غير ندين.. ومع دولة ضعيفة، ودولة أقوى، ومع دولة محتلة من الطرف الآخر في الاتفاقية.. فالولاياتالمتحدةالأمريكية تتواجد في العراق كدولة محتلة بجيوشها الجرارة.. وهي قد أقرت بأنها دولة محتلة للعراق، ودعت الهيئة الدولية اعتبار العراق محتلة من قبل الولاياتالمتحدة.. ومع ذلك أصر الطرفان على المضي في استكمال الإجراءات لتصبح الاتفاقية سارية ونافذة بعد إقرارها والتصديق عليها من قبل «مجلس النواب العراقي» وإذا كان نواب البرلمان قد صادقوا على الاتفاقية وصارت شرعية ونافذة حسب «حكومة بغداد، وواشنطن».. فإن العمل بها لا قانونية ولا مشروعية له.. مع احترامنا لحكومة العراق والنواب ممثلين في شخوصهم.. فتنصيبهم مهما كان بأصوات الشعب العراقي، وبانتخابات ديمقراطية لو افترضنا جدلاً أنها قانونية وسليمة.. إلا أن مشروعيتها لا تملك القانونية.. كون كل ذلك تم في ظل الاحتلال العسكري في العراق.. لأن وجود الاحتلال في العراق يعني أن الشعب العراقي ليس حراً.. فكيف يكون حراً، وهو مستعمر من قوة أجنبية تهيمن على كل شيء.. فالحرية تنتفي مع وجود الاحتلال.. الأمر الذي لايعطي مؤسسات النظام في العراق ولايخولها صلاحية عقد اتفاقيات، ومعاهدات مع أي دولة أخرى، وبصفة خاصة مع دولة «الاحتلال الأمريكي». لذا فإن أي نظام يأتي بعد رحيل القوات الأجنبية «إن هي رحلت» بإمكانه أن يلغي هذه الاتفاقية الأمنية مستنداً إلى المعطيات السابقة، وما تتضمنه المواثيق والقوانين الدولية، ولن تملك واشنطن في هذه الحالة أية مسوغات قانونية ترد وتواجه بها مثل هذا الموقف.. وهو موقف أؤكد أن الولاياتالمتحدةالأمريكية ستجده مع أول حكومة عراقية تأتي بعد جلاء الاحتلال. الغريب أن المجتمع الدولي، والمؤسسات العربية، والاسلامية، وعدم الانحياز لم يعلنوا موقفاً يوضح عدم صحة وسلامة التوقيع على هذه الاتفاقية.. أو غيرها من الاتفاقيات.