بالرغم من تعداد العرب الذي يفوق مئات الملايين إلا أن فن الدوبلاج « الترجمة اللغوية الصوتية» مازال ضعيفاً قياساً ببعض البلدان التي لا يتعدّى عدد سكانها عشرات الملايين كما هو الحال بالنسبة لإيطاليا وفرنسا وإسبانيا، وعلى سبيل المثال لا الحصر، والسبب في ضعف الدوبلاج يرجع إلى استسهال الترجمة الصوتية للنصوص الدرامية، وعدم إخضاعها لقواعد معايير صارمة، وعدم الاستفادة المُثلى من البرامج الجديدة الذكية التي تُقدمها الوسائط المتعددة. نستطيع أن نلحظ هذه المسألة بصورة أخص في دوبلاج الأعمال الدرامية القادمة من أمريكا اللاتينية، حيث نرى جلياً مدى إهمال المؤثرات الصوتية المترافقة مع الكلام، ويبدو الأمر هنا كأن الممثلين المُقلّدين للأصوات يتحدثون بروحية الدراما الإذاعية الصادرة من الاستوديوهات المغلقة، وهكذا لا يتم مزج المؤثرات مع الصوت البشري فينشأ فراغ دلالي يؤثر على درامية المشاهد المبثوثة، ولن نجد ذات الأمر في الأعمال الدرامية الخاصة بالأطفال .. وأعتقد أن السبب في ذلك هو أن دراما الأطفال لا تتجاوز في الغالب ثلاثين حلقة بينما تتجاوز المسلسلات المكسيكية المائة حلقة، وقد تمتد لعام كامل وبعروض يومية . هذا النوع من المسلسلات التي بدأتها الولاياتالمتحدة قبل عقود من الزمن بمسلسل « دالاس » الذي ملأ الدنيا وشغل الناس وكشف عورة المجتمعات المالية الارستقراطية المنحلة، وكان زائراً مُقيماً في بيوت السيدات الأمريكيات والأوروبيات .. مثل هذا المسلسل مهّد لدراما تلفزيونية من نوع جديد، ذلك أن مثل هذه الأعمال تستقيم على إنشاء موديل ونموذج لحلقة واحدة، ثم تواصل ورشة العمل المعنية بالإنتاج لقاءً يومياً يستطرد على الموديل أو النموذج، وهكذا يسبح المجموع في الخيال باحثين عن تفريعات وتحبيك للقصة الأصلية وصولاً إلى استمرارية الإنتاج بإيقاع يومي متواتر . قدّم المكسيكيون هذا النموذج، والآن نشهد حضوراً تركياً في هذا الباب، ما زال العرب غير قادرين حتى اللحظة على تجاوز مسلسلات الثلاثين يوماً .