أصبحت قضية إصلاح اتحاد الأدباء والكتّاب بما يكفل تعزيز دوره في نطاق التحولات الديمقراطية إحدى القضايا المهمة التي تشغل كثيرين من الأدباء والكتّاب الشباب.. والسؤال الذي يواجهنا هو: إلى أي مدى يمكننا القول إن إصلاح الاتحاد أو تطويره قد أضحى اليوم - وفي ظل تطورات كوكبية - يمثل ضرورة حتمية، وإذا كانت الإجابة عن هذا السؤال هي بالإثبات، فما هي السبل المتاحة لإتمام هذا الإصلاح؟!. وهل تعديل النظام الأساسي ينبغي النظر إليه باعتباره السبيل الأوحد، أو على الأقل الرئيس، لإمكان إحداث الإصلاح المطلوب لهذه المؤسسة المهمة، أم أنه واحد من بين وسائل عديدة بالإمكان اللجوء إليها في هذا الشأن؟!. وبالرغم من دور الأدباء والكتّاب الذين أسهموا في انشاء الاتحاد وتقييم أعماله خلال الفترة الماضية، إلا أن حضورهم في الوقت الراهن سواء على المستوى الجماعي أم الفردي يكاد يكون غائباً تماماً في المداولات كلها التي تجرى اليوم داخل الاتحاد. وإذا أخذنا كمثال الاحتفاء بجائزة عمر الجاوي التي أقيمت في عدن والتي أنفق عليها أكثر من مليوني ريال، فإننا نجد أن الذين احتفوا بذلك وكان لهم شرف صرف المبلغ لا يزيدون على عدد أصابع اليد الواحدة؛ كل ذلك جرى ويجري في غفلة ودون علم من الأدباء والكتّاب!!. أقول بصراحة إن ممارسة اتحاد الأدباء قد جعلت المستقبل الثقافي يكاد يكون منعدم الصلة بالحاضر الثقافي؛ وخاصة لدى تلك القاعدة الواسعة من المبدعين الذين أفرزتهم الساحة في فترة التسعينيات من القرن الماضي وما بعدها. هذه الممارسات قد أثّرت بشكل كبير في نوعية الثقافة؛ حيث ارتفع صوت المخربين وأصحاب المشاريع الصغيرة المعادية للمشروع الكبير وهو مشروع الوحدة. وبسبب عدم المسئولية لدى قيادة الاتحاد أصبح المشهد الثقافي يمر بوجه عام بحالة من الاضطراب والفوضى، وأصبح المشهد القائم هو تصادم مصالح الأمانة العامة مع المكتب التنفيذي، وفي بعض الأوقات مع فرع صنعاء يتم بعد ذلك التوفيق بينهما ويكون ذلك على حساب المشهد الأدبي والثقافي!!. وما يحزننا كثيراً هو أن هذه المؤسسة الرائدة التي كانت في الأمس تحمل رؤى وتمتلك قامات طويلة وهامات عالية أصبحت اليوم عائقاً أساسياً أمام المستقبل. ولهذه الأسباب أضحت هذه المؤسسة بحاجة إلى إصلاح لكي تقوم بدورها بالتوصل إلى صيغ جديدة للخطاب الثقافي والاجتماعي، والبحث عن أنماط جديدة من القيم تساعد على إقرار التوازن بين مكونات الحياة السياسية والاجتماعية على مستوى الوطن ككل. إن دور الاتحاد الحقيقي هو إطلاق سراح قدرات المبدعين من الأدباء والكتّاب ويساعد في الوقت ذاته على التقارب والتفاهم بين المثقفين. ولذا فإن دعوتنا إلى إصلاح الاتحاد إنما تنطلق من الحرص على إمكان قيام ثقافة وطنية موحدة تقوم على المنهج التكاملي والنظرة الشاملة التي تحيط مظاهر الحياة السريعة التغير، وهو عمل يحتاج إلى عناصر مؤمنة بالوطن والقيم الديمقراطية. لقد اعتقد الكثيرون أن الاتحاد بعد الوحدة المباركة سيُحدث ثورة في الوعي والإدراك والفكر، بل إن الكثيرين اعتقدوا أن الاتحاد سيحل كثيراً من المشكلات التي يعاني منها المجتمع اليمني في الوقت الراهن. وذلك على اعتبار أن هذه المشكلات ترجع في معظمها إلى التباين الثقافي والسياسي اللذين يمنعان من التقارب والتفاهم، وأن الاتحاد سوف يعمل بالضرورة على اختفاء كثير من أسباب التوتر. واضح أن الاتحاد ركن في الفترة الأخيرة إلى تهميش قاعدته العريضة، وأسقط دوره الحقيقي الذي يقوم على إعلاء قيمة التفكير وإبراز الانتاج الأدبي والفكري والثقافي لجميع رموز النخب الثقافية والفكرية، وخلق مناخ من الحوار والتفاعل البنّاء بين منتجي تلك الأفكار. ولا أنسى أن أشير في الأخير إلى عدم قدرة الاتحاد في إصدار بطائق العضوية منذ أكثر من سنة، فكيف يستطيع أن يحقق طموحات الخطط التنموية التي تقتضي الارتقاء بمستوى الوعي والثقافة في أرجاء الوطن؟!. لقد كان الاتحاد ذات يوم يمثل حائط صد ضد السلبي من الأفكار، وضد التخلف، وكأداة أساسية من أسس محو الأمية الثقافية وأساس للتنمية البشرية المبنية على عقول واعية مسلحة بالفكر، فلماذا فقد دوره؟!.