الأنظار تتجه اليوم إلى دوحة العرب، حيث سيسدل الستار على القمة العربية الحادية والعشرين بمشاركة عربية لافتة هي الأوسع والأعلى مستوى منذ سنوات، على أمل أن تخرج هذه القمة بحصيلة من المواقف والتوجهات يعكسها قادة العرب في توصيات وقرارات مغايرة ومختلفة عن القمم العربية السابقة تتماشى مع الظروف والتحديات البالغة التعقيد التي تمر بها أمتنا العربية , والتي تتطلب المزيد من الجهد الدءوب لتعزيز كل جوانب التقارب والتكامل والتعاون بين الدول العربية. ولاشك أن الحضور الأوسع والأعلى لقادة الأمة في قمة الدوحة هو استشعار مسئول للظروف الحساسة والخطيرة التي تحيط بهذه الأمة وتستدعي من قادتها وقفة جادة وانطلاقة جديدة نحو تفعيل العمل العربي المشترك والمدروس الذي يقوم على بث روح التفاهم والمحبة بين الأشقاء عملاً على نسيان خلافات الماضي والنظر للمستقبل برؤية ثاقبة تقوم على حسن النوايا والعمل بروح الفريق الواحد الذي بنبذ الفرقة والانغلاق ويسعى إلى التماسك والوحدة والتضامن بما يخدم الجميع بعيداً عن الشطط والمغالاة والانفراد بالقرار . لهذا فإن الكثير من المراقبين سوف يشاطرونني الرأي بأن قمة التضامن والمصالحة في الدوحة هي عنوان لمستقبل جديد للعمل العربي المشترك الذي يحتم ويفرض دخول وإشراك العرب أجمعين في إيجاد مشاريع عربية - عربية تزيل الحساسيات والانقسامات وتدعم جوانب التصالح والحوار وتغلق ملفات الخلافات وتعمل على وضع إستراتيجية عربية موحدة تعالج قضايا جميع الشعوب العربية وبخاصة ما يتعلق بالصراع العربي - الإسرائيلي وما يعانيه شعبنا الفلسطيني المقاوم من احتلال واضطهاد وقتل وتهجير يستدعي توجيه كل الجهود باتجاه الضغط على العدو الغاصب للأراضي العربية المحتلة لقبول مبادرة السلام والانتصار لقضايا الأمة المصيرية والدفع بملفات المصالحة والحوار والتهدئة وإعادة إعمار غزة وإنهاء حالة الانقسام بين الإخوة الفلسطينيين، فضلاً عن قضايا مهمة وبالغة الحساسية من الملفات الطارئة الأخرى التي تتعلق بالسودان الشقيق الصامد الذي يتربص به الأعداء الماكرون لهذه الأمة وغيرها من البؤر العربية الساخنة. إن أمتنا العربية تمر بمرحلة عصيبة يتكالب فيها أعداؤها والمتربصون بها في حبك المؤامرات والدسائس والانفراد بالأنظمة التي لا تطوع مخططاتهم الجهنمية واحداً تلو الآخر بهدف تركيع هذه الأنظمة وفرض الهيمنة والسيطرة على قراراتها وانتهاك سيادتها والاستحواذ على مقدرات وخيرات شعوبها وهو الأمر الذي يستدعي - أكثر من أي وقت مضى - إحياء التضامن العربي وخلق رؤية موحدة لمجابهة هذه التحديات واتخاذ مواقف حازمة وثابتة وإيجابية، تنبض وتعبر عن طموحات وآمال المواطن العربي. ولعل تحقيق المصالحة العربية ومعالجة الأزمة الاقتصادية العربية الراهنة وانعكاساتها السلبية المستقبلية على حياة الشعوب العربية من الأهداف الرئيسية التي استعرضها قادة العرب في قمتهم العربية غير العادية الحادية والعشرين والذي يتطلب معها مضاعفة كل الجهود واستمرار المساعي المخلصة في اتجاه رأب الصدع واحتواء الخلافات العربية وتفادي الأزمات وتجاوز المنغصات المفروضة.. فقمة الدوحة التي تعقد تحت شعار "قمة المصالحة والوفاق والتضامن العربي» سوف تكون نتائجها- دون شك- مثمرة وستنعكس بالإيجاب على جميع الأطراف ، كما نتأمل من هذه القمة أن تكون قمة القمم والأفضل على الإطلاق من أجل توحيد القرار العربي وتجاوز حالات الانقسامات ونفض غبار الوهن في مسار العمل العربي المشترك القوي والمؤثر. [email protected]