خمسة آلاف كرتون من المانجو المستورد تم حجزها من قبل الهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس في ميناء الحديدة لفسادها وعدم صلاحيتها للاستخدام الآدمي.. هذا الخبر الذي قرأته قبل يومين دفعني للتساؤل: ترى ما الذي يجعل بعض تُجارنا يقومون باستيراد فاكهة المانجو من الخارج طالما وإن اليمن تزرعها وتنتجها بكميات وفيرة جداً تغطي السوق المحلي ويفيض، بالإضافة إلى أننا على أبواب موسم فاكهة المانجو التي بدأت أولى قطفاتها تغزو الأسواق المحلية. على افتراض أننا نعيش في عالم تتحكم فيه مبادئ حرية التجارة والسوق التي يصبح فيها الجميع في حلٍ من قيود التصدير والاستيراد وضمن «التنافس المتكافئ بين السلع والمنتجات»، هل يعني ذلك أن تصبح بلادنا مقلباً للنفايات والسموم القادمة من خارج الحدود؟ وهل يعني أن نترك الحبل على الغارب لبعض التجار الاستغلاليين والجشعين ليقوموا باستيراد كل ما يحلو لهم دون قيود أو رقابة حتى لو كانت مواد غذائية غير صالحة للاستخدام الآدمي ؟! ليس هذا وحسب بل إننا نلاحظ أن هناك الكثير من الأشياء المغشوشة تجد طريقها إلى السوق اليمنية، وتكون أغلب هذه المواد الغذائية إما منتهية الصلاحية أو قريبة من الانتهاء، مثل الفلافل التي يتم حجزها لعدم صلاحيتها، ثم تجد طريقها إلى الأسواق! أو بعض المواد ممزوجة بمواد أخرى كأن تجد مادة الشاي مخلوطة بنشارة الخشب، أو يتم إفراغ بعض المواد من أكياسها ويعبأ بدلاً عنها مواد أخرى أردأ نوعية، والأمر لا يتوقف عند هذا الحد بل إن الموردين يتلاعبون بنوعية المواد التي يستوردونها، فيقدمون ويؤخرون في توزيع هذه المواد لغرض التلاعب بوصولها إلى المستهلك ومن ثم الاحتيال وبيعها بعيداً عن أعين واهتمام الرقابة التي إما «متواطئة» أو «عاجزة» عن فعل أي شيء حيال الإضرار بصحة الناس. متى يتوقف هؤلاء التجار عن اضطهاد المستهلكين، فقد تجاوزوا الخطوط الحمراء بل وما تحت الحمراء دون أن يردعهم أحد ويوقفهم عن المتاجرة بصحة وسلامة الآدميين، وكأن المستهلك لا يكفيه ما يعانيه ليستوردوا له المواد الفاسدة والمنتهية الصلاحية من الخارج، نتمنى من الجهات المعنية أن تتخذ إجراءات أكثر صرامة بحق هؤلاء التجار الجشعين الذين لا هَمّ لهم سوى تحقيق الأرباح ولو على حساب صحة المستهلكين الآدميين، كأن يتم مثلاً إحالتهم إلى القضاء وسحب رخص الاستيراد من كل مستورد يقوم بمثل هذه الممارسات، وأن يكون هناك تدقيق وتمحيص في حق كل من يريد استصدار رخصة للاستيراد وأن تكون هناك شروط يتعرض من يخالفها لجزاءات قاسية ورادعة من أجل الحفاظ على صحة المواطنين. وأخيراً نقول: حسناً فعلت هيئة المواصفات والمقاييس بحجز هذه الشحنة ومنع دخولها إلى الأسواق المحلية، ولكن ما نتمناه فعلاً هو أن تصدق في تصريحاتها الخاصة بإعادة مثل هذه الشحنة الفاسدة وغيرها إلى بلدان المنشأ، بالإضافة إلى اتخاذ قرارات صارمة بعدم الإفراج عن أية سلعة من أي منفذ أو جمرك بري أو بحري أو جوي إلا بعد فحصها من قبل هيئة المواصفات وإقرارها بصلاحية هذه السلعة أو تلك من عدمه، حيث تعودنا في مثل هكذا حالات ألا تتطابق الأقوال مع الأفعال فتكون الأقوال شيئاً والأفعال شيئاً آخر، وإلا لما كانت الأسواق اليمنية تعج بالعديد من السلع والمنتجات الفاسدة والمنتهية الصلاحية، ارفقوا بالمستهلكين، و ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء. [email protected]