إنه مأزق للقوى الوطنية في البلدان التي تشبثت أو تحالفت مع النظام العالمي الجديد الذي تقوده الولاياتالمتحدةالأمريكية عبر قوات التحالف، ونموذج العراق وافغانستان مازال قائماً سواءً بالموافقة على التدخل الأجنبي للقضاء على القاعدة وطالبان أو النظام العراقي السابق بزعم امتلاكه أسلحة الدمار الشامل تغطية لاستنزاف الثروة النفطية على وجه الخصوص . لنأخذ العراق حالة، فقد كان طموح الحركات والتنظيمات السياسية والدينية والمذهبية التخلص من نظام صدام بالموافقة على دخول القوات الأجنبية للتخلص من هذا النظام.. وأمام نتائج الحرب العراقية الايرانية «حرب الخليج الأولى» التي خرج الجانبان منها بخسائر بشرية من قتلى ومعاقين ومادية في الثروات النفطية وغيرها ،ثم حرب الخليج الثانية وما آل إليه الوضع من فرض حصار جائر زاد العراقيين معاناة فوق معاناتهم من الحرب العراقية - الايرانية . إن «8» سنوات من عمر العالم هي فترة قصيرة ولكنها في ظل العولمة العالمية كانت مكثفة، فقد تم انهاء النظام الاشتراكي وسلّم الجميع بأن النظام العالمي الجديد أحادي القطب سيحل كل المشاكل والمعوقات وسيعيش العالم حالة من الانفتاح والديمقراطية وحرية التعبير وإذا بكل ذلك إنما هو وفق إرادة النظام العالمي لا وفق طموحات الشعوب.. وإذا به نظام حصار وحصان طروادة معاً، ما إن تلقى ضربة ال «11» من سبتمبر 1002م حتى ثبّت احتلاله لافغانستان والعراق كما تفرق نسيج البلدين الوطني ودخل في نزيف أهلي وديني عرقي طائفي مستمر والحال نفسه في تورط وانهزام قوات التحالف المساندة والتي منها أيضاً قوات المانية ويابانية سمح لها منذ هزيمتها العسكرية في الحرب العالمية الثانية «9391 5491م» أن تعبر عن قوتها العسكرية بل وقوات كندية اشتركت بدعوى الحفاظ على السلم العالمي وإذا بالجميع يفقد جنوده ويعيد أشلاءهم في توابيت وتشهد البلدان المعتدى عيها دماراً متواصلاً في البنية التحتية والثروات الطبيعية وتعطيل عجلة الحياة الاقتصادية، أما الحياة العامة والثقافية فقد شهدت تدميراً وسرعة في تشويه الوجه الجميل للبلد وهويته الثقافية بالسرقات والتهريب والاتلاف تارة والتدمير والحرق تارة أخرى. إن «8» سنوات بل أقل من عقد من الزمن فترة وجيزة لايمكن أن تسير أحداثها وفق خطوات محددة بل تلاحق الأحداث وردود أفعالها هي التي تحدد الوضع ولعلنا في اطار العولمة نشهد سرعة هذا التلاحق من اعتقاد أننا في نظام عالمي جديد أحادي القطب بيده زمام الأمور، بينما هذا الأمر غير صحيح فقد أفرزت المرحلة تعددية الأقطاب والكتل السياسية الاقليمية والعالمية، فليست الولاياتالمتحدة الوحيدة صانعة القرار فهناك الاتحاد الأوروبي بتباين أعضائه وهناك الصين العضو الدائم في مجلس الأمن والدولة المؤثرة في عالم الاقتصاد الدولي والحال نفسه مع روسيا وبلدان شرق آسيا بدءاً بالصين والهند وايران واندونيسيا وماليزيا وباكستان فلكل منها رؤاها ونشاطها القويين، اضافة لما يحسب له من ألف حساب لهذه الدول على الساحة الدولية الاقتصادية والسياسية وخاصة مفاوضات منظمة التجارة العالمية والوكالة الدولية للطاقة وهذا نتاج ومخرج من انهيار فترات الحرب الباردة وتوزع الدول حينها إلى كتلتين اشتراكية ورأسمالية وتوابعها بصرف النظر عن بعض التوجهات والرؤى الوطنية لكل دولة وإذا بنا اليوم أمام تشرذمات وبؤر قوى عديدة يحسب لها ألف حساب. ترى أين وضعنا في الدول النامية من هذه الفسيفساء سريعة التغيير التي صبغت حجارتها بالدم والدمار وضياع الحقوق والثروات.. لم تأت الديمقراطية في الدول النامية إلا لتقويض السلم الاجتماعي واشتداد الفقر والحساسيات الدينية والعرقية والمذهبية.. ونحن كبلدان نامية أليس من الواجب علينا أن ندرس حالنا ونقيمه وأن نعطي قبل هذا وذاك لأنفسنا ولبعضنا المصداقية والثقة أم أننا سنظل نلوك ونكرر ما تضخه ألسنة العالم الجديد.؟ إنها قضية لابد أن تتنبه لها أحزابنا وقوانا السياسية في البلدان التي تمارس الديمقراطية كمبدأ دستوري.