بقدر ما يُثير ليلُ تعز الشجن في قلوب أهل الحرف والكلمات والألحان والفن والأداء الانساني الراقي.. بقدر ما أصبح ليلها يُثيرُ جنونهم ويُبكي قريحتهم وينتشل أفكارهم ليذروها رماداً مسافراً مع نسائم الصيف المؤلم الذي كثرت أحداثهُ هذا العام! فمن سعي إلى تشطير وطننا إلى محاولة إقصاء رغبة الشعب بالديمقراطية التي نعيشها.. إلى محاولة الاساءة لصاحبة الجلالة باختطاف أحد الصحفيين.. إلى شرخ جدارالعراقة في عيون الغرب واختطاف وقتل السُياح.. إلى كهرباء بحاجة إلى ضوء تعيش عليه.. نورٌ تتنفسه.. قانون يحمي ليلنا المظلم. فحين يُعزفُ الكتاب عن كتابة أعمالهم.. ويُحرمُ الطلاب من استذكار دروسهم.. ويُصاب الأطفال بحالة ملل وبكاء لا أسباب واضحة تبرره.. ويُصبح طعامُ العشاء قبل السادسة.. ووجبة الافطار بعد الخامسة.. توجهاتنا مُنصبّة على الانتهاء من جميع أعمالنا قبل أن تنطفئ الكهرباء فتنطفئ معها كل أحلامنا الصغيرة.. يُصبحُ الليلُ أكثر رومانسية لدى البعض وأكثر شؤماً عن سواهم من الناس. انطفاء الكهرباء أطفأ مصابيح الكثير من أفكارنا الملتهبة.. وإذا وجدنا البعض يساوي بين زماننا وأزمان ماضية تكون حجته أن الناس في زمنٍ مضى كانوا عظماء بلاكهرباء!! لكنني أرى أنهم صاروا أعظم مع الكهرباء، وبها تكنولوجيا العصر كلها مبنية على الكهرباء.. قائمة عليها من الألف إلى الياء.. وليس العاقل بالذي ينكر أن حياتنا اليوم في مُجملها العملي قائمة على أساس فكرة الضوء.. ضوء الكهرباء الذي يكسر انطفاؤه رغبة الناس في العمل والانتاج، لكن في حالة أن يكون الأمر خارجاً عن إرادة القائمين عليه فمن العقل إذن أن نُشعر الناس بلحظة الانطفاء . ضف إلى هذا، العمل على تقليص أسعار الأجهزة الكهربائية ومُراعاة فارق النقد المادي بين ساعات التشغيل والانطفاء حتى تكون فواتير الكهرباء قائمة على بعض المصداقية.. ولابد أيضاً من تخصيص ورش تعمل على إصلاح التالف من الأجهزة على أن تكون هذه الورش حكومية تابعة لوزارة الكهرباء.. ولامانع من إصدار قرار بمنع بيع وتداول مادة الشمع لتسببها بالكثير من الحرائق واستبدالها بمصابيح تعبئة توزعها الجهات ذات الاختصاص مجاناً مقابل قيمة فواتير الكهرباء لاتوضح الفرق المستهلك من مخزون الطاقة الكهربائية والمخزون الحقيقي للطاقة.. وإذا نجحت هذه الجهات في إيجاد مخرج حقيقي لهذه المعضلة فهي لن تستطيع ايجاد مخرج لحالة الهذيان والنسيان التي أصبحت تلازمنا ونحن نتواصل مع أرواحنا عبر أوراقنا وأقلامنا المظلمة.