بسبب بنطال تُحاكم صحافية أمام المحاكم السودانية، ويُتوقع أن تُجلد 80 جلدة لأنها تجرأت وخرجت بالبنطال إلى الشارع!!.. حيث اعتبرته السلطات القضائية في السودان أنه لباس خادش للحياء، الأمر الذي يعد من المشاهد المثيرة للسخرية، خاصة أن الأمر لا يستأهل هذه العقوبة، لأن الأهم هو أن يتجه الناس إلى العقول لا إلى البناطيل. بعد ما نسمعه ونشاهده من مهازل في أجزاء كثيرة من الوطن العربي يحق للعالم الغربي أن يسخر من تخلفنا وطريقة تفكيرنا في أمور حياتنا، وتواضع اهتماماتنا. فبينما دول العالم كلها منشغلة بقضايا ضرورية في حياتها نجد أنفسنا في العالم العربي نهتم بالبناطيل وبعالم «ما تحت السرّة»، وكأن اهتماماتنا أصبحت محصورة في هذه المنطقة بالذات!!. لهذا نجد الكتب التي تتحدث عن عالم «ما تحت السرة» تغزو مكتباتنا، وهي أكثر الكتب مبيعاً في أي من المعارض التي تنظمها وزارات الثقافة في الوطن العربي. لماذا يحصل ما يحصل اليوم في أكثر من قطر عربي؟!، ولماذا صار اهتمامنا منصبّاً على القضايا التي لها صلة بعالم «ما تحت السرة»، ولماذا يصر القضاء في السودان مثلاً على ملاحقة امرأة لمجرد أنها لبست بنطالاً، وهل انتهت مشاكلنا التي نواجهها ولم يبق إلا ملاحقة لابسات البناطيل؟!. يحق لنا الخوف مما يمكن أن يكون أسوأ في حالة تمكن أصحاب هذه الأفكار من التسلل إلى الحكم، الأمر ليس له علاقة بالطبع بطبيعة الحركات الإسلامية، بقدر ما هو مرتبط بمفاهيم أشخاص على رأس هذه الحركات، وربما كان هذا هو الوضع السائد في العديد من دول العالم الإسلامي التي تحكم بواسطة هذه الحركات. على صناع القرار في العالم العربي والإسلامي أن يتنبهوا إلى حقائق غائبة اليوم عن كثيرين منهم، أبرزها المفاهيم المغلوطة عن الحريات وحدود هذه الحريات، بالإضافة إلى ما يمكن وضعه في مهام المحظورات في بلد يدين معظم أبنائه بالدين الإسلامي الحنيف. فليس بمحاكمة لابسات البناطيل تكمن المثالية في تطبيق أحكام الشرع، بل هناك أهم من ذلك بكثير، أولها محاسبة المتحدثين باسم الإسلام، ومعظمهم من كبار المستثمرين في بلدانهم. يجب البحث عن القيم الروحية لدى الداعين إلى تطبيق الشريعة الإسلامية قبل ملاحقة لابسات البناطيل، فالأولوية يجب أن تكون لتطبيق أحكام ومقاصد الدين أولاً وأخيراً، وليس تأويلها بما يخدم توجهات أنظمة الحكم في هذا البلد أو ذاك.