المشاكل الثقافية عامة في البلد أي بلد تعبر عن نفسها أو تنعكس في صورة مشاكل وأزمات خانقة على كافة الأصعدة، أمنياً واقتصادياً واجتماعياً وعلى مستوى الصحة العامة والتعليم والخدمات الأساسية. .. ليس المقصود بالثقافة هنا، ذلك المعنى الأكاديمي الذي يُطلق عادة ويحصر الثقافة في مجال محدد وأفراد محدودين، فنحن لا نتحدث عن الأدب والشعر والقصة ونوعية التعليم. .. وإنما الثقافة المقصود بها السمات العامة للتفكير والسلوك الجماعي في بلد ما، ومجموع العادات والقناعات التي تأخذ بعداً ممتداً في الزمان والمكان لدى الجماعات السكانية والبشرية في هذا المجتمع أو ذاك. .. الفساد مثلاً يتحول إلى ثقافة، وكذلك التخلف، والانتهازية، وسوء الإدارة، والهدر، والثأر، والتقطع، والأعمال الإرهابية، وغيرها، تقوم على ثقافة مواتية. .. الجذور الحقيقية للمشاكل والأزمات تنتهي إلى ثقافة عميقة الأثر والامتداد. .. ولكنها أيضا ً ثقافة متوارثة وقادرة على التكيف مع العصر ومقاومة التغيير، واكتساب حلفاء ومناصرين جدد إلى صفها. .. وهؤلاء هم الأشخاص أو الجماعات الذين يحبطون الإصلاح والتطور، ويفشلون المحاولات الهادفة إلى خلخلة الثقافة السائدة والممانعة. .. ويكتفون من العصر وإمكاناته بالمظاهر والرفاهية المادية، ولكنهم غير قادرين أو غير راغبين في اعتماد التطور بمعناه الكلي والشامل «ثقافة المؤسسات، والقوانين، والأنظمة، والمواطنة المتساوية، والإنسان الحر، والمجتمع المدني، والدولة الإنسانية، والمجتمع الديمقراطي». .. حماية وتحصين المجتمع ضد التغيير والتطور والانفتاح، تعني محاصرة المجتمع، وليس حمايته، بالمعنى الإيجابي. .. إذ إن الحماية الحقيقية هي أن يكون لديك إنسان قوي وحر يتمتع بكافة الحقوق الأساسية والمدنية والقانونية. .. لا يمكننا التفاؤل بحل مشكلة الفساد أو ظاهرة الثأر أو أزمة الثقة المتعمقة بين مكونات المجتمع أو الثقة بالدولة وأجهزتها المختلفة، من دون خطط وبرامج ثقافية وتعليمية وفكرية تتسم بالكفاءة والمرونة والالتزام لإحداث ثورات حقيقية متلاحقة ومتقدمة في البنى الثقافية والفكرية السائدة والصلبة. .. البداية من التعليم، لإنشاء أجيال تحمل لواء التغيير والتطوير. .. ولكن أي تعليم نعني؟ الأكيد ليس التعليم السائد! شكراً لأنكم تبتسمون [email protected]