تتعدد في حياتنا القراءات الموضوعية المتفائلة، مثلما تكثر في المقابل القراءات السطحية المتشائمة، والعام الجديد يحتاج إلى قراءات من نوع خاص لا يمكن أن تكون عليه الأيام القادمة باعتبارها المحك الأساس في التغيير والتنمية أو الصراع والتعمية وبلوغنا العقد الأول من الألفية الثالثة ونحن ما زلنا نبحث عن المخرج مما نحن فيه. مهما كانت تلك القراءات وتعاطيها مع الفعل الاجتماعي والسياسي وقربها أو بعدها من الأحداث المؤلمة وصور العنف والتسويق المخزي والمتعسف والظالم للدين والحياة في بلادنا، فإن القراءات الموضوعية والواقعية ستكون محاطة بالكثير من المخاطر غير قابلة للتسويف والمماطلة أو التغييب والإقصاء. نظراً لارتباط عناصرها بالمرحلة الراهنة ووقوفها أمام الكثير من الملفات المتضخمة بالمعاناة الاجتماعية وحاجات الإنسان اليمني الأمنية والاقتصادية والسياسية والمؤسسية، باعتبار الكثير من تلك القضايا العالقة في الزجاجة اليمنية قد تم ترحيلها إلى أجل غير مسمى ووضعها في كف عفريت حتى لا تقرأ الشعوب والمجتمعات في كل أنحاء العالم العام الجديد بلغة المشاريع والبرامج والخطط والاحتمالات المتفائلة للإنتاج والإبداع معاً، تحاصر الفقر والبطالة بالمزيد من الأمن والاستقرار وجذب الاستثمارات. بينما اليمنيون يتأهبون لقراءة كف العام الجديد من خلال تدفق الفارين من القرن الأفريقي وأسراب القاعدة القادمين من مخالب العنف وحمامات الصراع المجنون من كل أنحاء العالم، ياليت اليمنيون يستشعرون ذلك، على العكس من ذلك فهم في برود قاتل، وكأن الأمر لا يعنيهم ولا يتربص بهم وببلادهم الدمار والخراب والمزيد من الفقر والمعاناة. تمنيت لو أن القراءة الجادة لخارطة الحالة اليمنية في كف العام الجديد تقف عند الأسباب والعوامل التي أودت بالإحساس والشعور اليمني تجاه ما تعاني منه اليمن الأرض والإنسان إلى هذا المستوى من الانحدار واللامبالاة والصمت الرهيب، مع أنه الخاسر الوحيد وليس غيره إن دخلت البلاد في متواليات العنف والفساد معاً. الغرابة هي أن الشارع اليمني للأسف الشديد وصل الأمر به إلى إعلان الرفض والاستنكار لما تقوم به الدولة من تتبع ومحاربة وضرب للقاعدة حيثما وجدت. حماية المجتمع اليمني من العنف والدمار يراه البعض جريمة، وقاية المدن والقرى اليمنية من سرطان تنظيم القاعدة أمر مستهجن من قبل البعض، لا ندري أي نوع من التفكير يمارس هؤلاء..؟ وصل الأمر بتنظيم القاعدة إلى تحويل اليمن إلى خرائب وأطلال بحجة محاربة الأمريكان والإسرائيليين، لا ندري أين سيجدونهم في أسواقنا ومدارسنا أم في مساجدنا وغرف نومنا أم داخل لعب أطفالنا وقاعات جامعاتنا وساحاتنا العامة..؟! المقزز أكثر هو أن قادة القاعدة في الصومال يعلنون جهاراً نهاراً أنهم سيرسلون جحافل من المجاهدين الجدد لدعم الشر والعنف في اليمن، لم يكف اليمنيون ما يعانونه من الهاربين من الصومال حتى ننتظر المسعورين القادمين بحقدهم وكراهيتهم لإحراق الخير ورغيف الخبز الذي جاء الفارون من عبثهم وشرهم يبحثون عنه، لم نبخل عنهم أو نرميهم في البحر كما يفعلون. القراءة الموضوعية يجب أن تتجه أيضاً إلى وعي اليمنيين لتقرأ الثقافة اليابسة التي تحول دون تحملهم للمسؤولية الوطنية في هذه المرحلة الصعبة والخطرة، شبابنا يجندون للموت وليس للحياة والعمل، والجميع يلتزم الصمت وكأن الأمر لا يعنيه.. قدسية الوطن وكرامة الإنسان اليمني تستدعي الصدق مع الله والضمير والوطن والقيام بالواجب لا أكثر.