لقد كان الأخ الدكتور رشاد العليمي نائب رئيس الوزراء لشئون الدفاع والأمن وزير الإدارة المحلية موفقاً في إجاباته الواضحة والشفافة على كل ما طرحه رجال الصحافة اليمنية والعربية والأجنبية من أسئلة حول الخطر الذي يمثله تنظيم القاعدة في الجمهورية اليمنية وغيرها من القضايا الأخرى ذات الصلة بالحراك في بعض المحافظات الجنوبية وفي الحرب مع المتمردين الحوثيين في صعدة إلى غير ذلك من القضايا السياسية والاقتصادية. ومن خلال هذا المؤتمر الصحفي وضحت الصورة أن الحكومة اليمنية قادرة على مجابهة ما يعتمل في الواقع اليمني من التحديات الأمنية رغم حاجتها إلى المزيد من المساعدات المادية والفنية من الدول الشقيقة والدول الصديقة وفي مقدمتها دول مجلس التعاون الخليجي ودول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدةالأمريكية وغيرها من الدول المانحة والمهتمة بأمن واستقرار اليمن وسيادته ووحدته وتنميته الاقتصادية. أقول ذلك وأقصد به أن حاجة اليمن للمساعدات الفنية والتدريبية والتسليحية والاقتصادية لا يعني أنها عاجزة عن التصدي لهذه الأخطار والتحديات الأمنية والإرهابية المثيرة للقلق بدليل عدم استعدادها لقبول أي شكل من أشكال التدويل والتواجد العسكري الأجنبي لحرب القاعدة، أي أنها في الوقت الذي ترفض التواجد الأجنبي في اليمن تقبل بالمساعدات المادية والفنية بصورة تتنافى مع ما روجت له التداعيات السياسية والإعلامية التي بالغت في تجسيم أخطار القاعدة في اليمن وقدرته على إقلاق أمن العالم إلى درجة جعلت البعض يصف اليمن بالدولة الفاشلة والعاجزة عن حماية الأمن والاستقرار والسيادة الوطنية. أقول ذلك واقصد به أن الأخ نائب رئيس الوزراء كان موفقاً في تأكيده رفض التواجد الأجنبي بوضوح لا يقبل الجدل والتهويل؛ لأن اليمن دولة ديمقراطية ناشئة ومستقلة وأن المبالغات الدعائية تجد صداها في الأجواء المفتوحة للمعارضة كما هي الحال لأي نظام سياسي يقوم على التعددية الحزبية والسياسية والتداول السلمي للسلطة وحرية الصحافة وحقوق الإنسان، ورغم كونها من البلدان الفقيرة الكثيرة السكان والشحيحة الموارد إلا أنها برغم المعاناة الناتجة عن الأزمة الاقتصادية وما يترتب عنها من المعاناة الناتجة عن تفاقم الأوضاع المعيشية لذوي الدخل المحدود والذي لا دخل لهم تمتلك من الإرادة السياسية والقدرة العسكرية والأمنية ما يجعلها قادرة على تحقيق الانتصارات في جميع الجهات استناداً إلى تماسك الأغلبية الساحقة من أبناء الشعب اليمني أصحاب المصلحة الحقيقية في الثورة والجمهورية والوحدة والديمقراطية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية، الذين تستند القيادة والحكومة إلى دعمهم ومساندتهم المستمرة. لقد كان الدكتور العليمي رجل دولة ناجح في إجاباته المسئولة التي استندت إلى حقائق لا يرتقي إليها الشك فيما أورده من تجربة يمنية ناجحة في محاربة الإرهاب عبر استراتيجية تجمع بين الترغيب والترهيب وبين الإقناع والحزم، مفنداً الحقائق فيما أورده من الأرقام لما قامت به القاعدة من الهجمات الناجحة والفاشلة ومن ثم إقناعهم وتحويلهم من طور الاقتناع بهذا الفكر الإرهابي المتطرف إلى مواطنين صالحين يرفضون هذه الأفكار وما تسفر عنه من عمليات انتحارية وتدميرية وقاتلة لا علاقة لها بالإسلام، ولذلك الضربات الاستباقية الناجحة التي قامت بها الأجهزة الأمنية بدعم القوات المسلحة وبتعاون في المعلومات الاستخبارية الامريكية والأجنبية واليمنية السعودية. وما أحدثته تلك الضربات الخاطفة والناجحة من رعب في نفوس المتعاطفين والمحايدين جعل الكثير من شيوخ القبائل يتعاملون بجدية وحزم مع المنتمين لهذه الجماعة الإرهابية وينذرونهم بمغادرة مناطقهم ومراجعة مواقفهم وتسليم أنفسهم للدولة حتى لا يتسببوا بتعريض الأبرياء من المدنيين لما يمكن أن يلحق بهم من الأضرار الناتجة عن الضربات العسكرية والأمنية. وفي الوقت الذي كشف فيه عما تسببه الأعمال الحوثية والانفصالية من مناخات مناسبة لنمو الأعمال والحركات الإرهابية النشطة التي يستفيد منها تنظيم القاعدة محذراً ومتوعداً الخارجين عن القانون من عواقبها الكارثية الوخيمة أكد فيه أن الدولة وإجهزتها الأمنية وقواتها المسلحة جاهزة للتصدي لهؤلاء الإرهابيين الذين يستهدفون الإضرار بأمن اليمن والعالم بما يقومون به من أعمال إرهابية تغضب الله في السماء وتغضب الإنسانية في الأرض تتنافى مع جوهر ما يدعو إليه الدين الإسلامي الحنيف الذي كان في جوهره دعوة إلى الأمن والاستقرار والسلام ودعوة إلى الحق والعدل والحرية والديمقراطية والعلم والعمل، يمقت الإرهاب والظلم المدمر للحياة والحرية والتقدم وغير ذلك من الأعمال العدوانية والفوضوية والإرهابية الداعية إلى التخريب والقتل على ماهو نافذ من الدساتير والقوانين المستمدة من الشرع ومن العقل في سياق البحث عن القوانين والنواميس المنظمة لعلاقات الفرد بالمجتمع وعلاقة الإنسان بوطنه وبظروفه الطبيعية المحيطة به وعلاقة الإنسان بخالقه الأعظم. مشيراً إلى التجربة الديمقراطية اليمنية الناشئة القائمة على التعددية الحزبية والسياسية والتداول السلمي للسلطة وحرية الصحافة وحقوق الإنسان، وإلى ما لدى اليمن من قيادت منتخبة ومؤسسات دستورية مسئولة رافضة لكافة أشكال العنف والتطرف والتمرد والإرهاب.. مبيناً في الوقت ذاته الفرق بين ما يندرج في نطاق الحقوق والحريات مثل حق الاعتصام والتظاهر والإضراب وغير ذلك من الحقوق والحريات الديمقراطية السليمة التي كفلها الدستور ونظمتها القوانين النافذة وبين الأعمال الفوضوية والإرهابية المتمثلة بقطع الطرقات واختطاف الأجانب وكل ما له علاقة بتحويل المسيرات السلمية إلى أحداث شغب تؤدي إلى السلب والنهب والقتل والاستيلاء على الممتلكات الخاصة والممتلكات والمنشآت العامة. مؤكداً أن حكومته التي تحترم الحقوق والحريات ترفض أن تتحول هذه الحقوق والحريات السياسية والاجتماعية والإعلامية إلى سلسلة من الممارسات الإرهابية العنيفة سواءً من قبل أولئك المتمردين الذين يرفعون السلاح بوجه الدولة في صعدة أو من قبل أولئك الانفصاليين الذين يقلقون الأمن والاستقرار ويعملون على إشاعة الأعمال الفوضوية المقلقة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية الدائمة والمستمرة.. وفي مقدمتهم أولئك الإرهابيون القتلة الذين ينتمون إلى تنظيم القاعدة وما يقومون به من العدوان على المصالح الوطنية والسفارات والمصالح العربية والأجنبية تحت مبررات استشهادية وجهادية متطفلة على الإسلام ما أنزل الله بها من سلطان داخل الوطن وخارجه في جميع أنحاء العالم الذين لا سبيل إلى تحجيمهم والحد من أخطارهم إلا من خلال الاستخدام المشروع للقوة العسكرية والأمنية الرادعة.. وهنا لابد من علاقة تعاون وتكامل تقوم على الشراكة الدولية في محاربة الإرهاب واقتلاع جذوره من جميع أنحاء العالم وإزالة كل ما له علاقة بدوافعه وأسبابه. وحتى تتمكن الحكومة اليمنية من القيام بمسئولياتها في محاربة الإرهاب لابد من حصولها على ما تحتاجه من إمكانات الدعم والمساندة الاقتصادية والاجتماعية والمعلوماتية والعسكرية والأمنية على مستوى التسليح والتدريب وتوفير الوسائل والمستلزمات الأمنية وتبادل المعلومات الاستخباراتية إلى غير ذلك من المساعدات المادية والفنية المشروعة، وبما لا يصل إلى حد التواجد الأجنبي العسكري داخل الأراضي اليمنية حتى لا يتحول إلى مبرر تستفيد منه هذه الجماعات الإرهابية وتمرره وتسوقه تحت ستار المقاومة الاستعمارية كما هو الحال في العراق وأفغانستان وباكستان. التحية والتقدير لمؤسساتنا الأمنية والعسكرية الفاعلة والشكر للدكتور العليمي على إجاباته المقنعة.. أخلص من ذلك إلى القول إن حاجة اليمن إلى الاستفادة من الدعم المادي والذي سوف ينتج عن مؤتمر لندن الذي رحبت به الجمهورية اليمنية رسمياً ستشارك فيه بفاعلية لا تعني تدويل البؤر العنيفة والتدخل في الشئون الداخلية للجمهورية اليمنية الذي لا ولن تقبل به اليمن شعباً وحكومة وقيادة سياسية مهما كانت مبرراته ومخرجاته وإمكاناته المادية والعسكرية والسياسية.