تظهر بعض القوى نوعاً من المساومة والمراوغة في حياتها السياسية وتعتقد تلك القوى أن ذلك يجدي نفعاً لتحقيق بعض المكاسب السياسية الرخيصة، رغم أنها تدرك بأن المساومة في القضايا السيادية أمر مرفوض لايقره أحد على الإطلاق وأن مجرد المساومة على قضايا بهذا الحجم يعد خروجاً على الدستور والقانون، وينبغي على الدولة أن تتخذ كل الإجراءات الدستورية والقانونية إزاء تصرفات كهذه. ومع ذلك فإن الدولة تتعامل بسياسة الصبر والنفس الطويل واللجوء إلى الهدوء والعقلانية ولاتتخذ قراراتها إلا بعد دراسة موضوعية تحدد جملة من البدائل المناسبة لاتخاذ القرار، غير أن بعض القوى التي تعودت على الابتزاز واستمرأت الانتهازية تعتبر أن ذلك المنهج يعبر عن ضعف الدولة، ونجد هذه القوى النفعية تبادر إلى استخدام مصطلحات أكبر من حجمها عبر وسائل الإعلام الخارجية ومن تلك المصطلحات قولهم (فشل النظام وضعف الدولة، وعجز الحكومة) دون أدنى قدر من الشعور بالمسئولية الوطنية أو حياء من العالم الخارجي الذي يدرك أن من يقول ذلك عن بلده لايمكن أن يصدق أو حتى يحترم. إن تصرفات كهذه دليل على عدم الوعي لدى عناصر هذه القوى وإن توفر الوعي لدى بعضهم فإن أحقاده الشخصية ومنافعه الذاتية قد تغلبت عليه ودفعته إلى الوقوف في خانة العدو الذي يكيل لبلاده التهم خدمةً للأعداء الخارجين.. البعض منهم يدرك انه يقدم خدمة للأعداء في الخارج وهذا يتعمد ذلك والبعض لايدرك أنه يفعل ذلك ولكن الحقد وفقدانه لمصالحه الذاتية هما الدافع لذلك الفعل المجرم. ولئن كان هؤلاء الذين استمرأوا جلد الذات قد باعوا ضمائرهم للشيطان فإن الواجب على الجميع العمل بجد من أجل تخليص أولئك المغرر بهم من غواية الشيطان، وذلك من خلال الحوار والموعظة الحسنة وتبصيرهم بالحق وإيضاح مخاطر مايقومون به من قول أو فعل ضد الوطن، لأن إعادة هؤلاء المغرر بهم إلى جادة الصواب مكسب للوطن خصوصاً بعد ان تتكشف الحقائق ويتضح الزيف، وهي الدعوة التي نصرّ على تكرارها ولن نمل من ذلك بإذن الله.