في الربع الأخير من القرن التاسع عشر كانت الولاياتالمتحدةالأمريكية موحدة كما هي عليه الآن، غير أن وحدة تلك الأيام بدت قسرية وغير مرضية للجميع وخاصة سكان الجنوب الأمريكي من البيض الذين تمسكوا بمنطق العبودية والاستعباد وقرروا مصير ملايين الزنوج باعتباره مصيراً موصولاً بإرادة السيد الأبيض، وبالتوالي مع تلك الإقامة الفاجرة على عبودية الإنسان، كان الشمال قد انزاح قدماً نحو شكل من أشكال التفهم العاقل لضرورات إكساء الوحدة الأمريكية مشروعية نابعة من أنسنتها، وكان الرئيس ابرهام لنكولن أكثر المتحمسين لتحرير العبيد، الأمر الذي رفض من قبل الأقحاح العنصريين، وتداخلت مع جملة من المصالح غير المشروعة وغير الإنسانية، الأمر الذي أوصل إلى حرب الشمال والجنوب بالولاياتالمتحدة، وكانت الحرب حينها حرب وحدة بالقوة أو انفصال بالقوة، وبالمعنى الدقيق للكلمة، وكانت العبودية في القلب من تلك المعادلة. أصدر لنكولن مرسومه الشهير بتحرير العبيد، فقامت قائمة العنصريين الذي حاولوا اغتياله مرة تلو الأخرى حتى نالوا منه في نهاية المطاف، لكنهم لم يتمكنوا من النيل من رسالته الناجزة. تحرر العبيد بالمراسيم أولاً، ثم تتالت متوالية النضال السلمي حتى توجت الولاياتالمتحدة تاريخ البؤس الطويل بقبول أول رئيس من أصول افريكانية. هذا التتويج كان ولايزال سبباً جوهرياً للحفاظ على وحدة الولاياتالمتحدة التي تعّمدت بالتنازل الإجرائي عن الإلغاء والعنصرية، بدلاً عن الحروب والدماء المفترى عليها.