حال المياه في اليمن مثل حالة مصاب ينزف دماً أمام المشاهدين الذين وقفوا متفرجين عليه حتى لفظ أنفاسه دون أي تفسير. الكثيرون يقولون بالنسبة لنزيف المياه إذا كانت «شفاطات» بعض المتنفذين لايقهرها قانون ولاتردعها قوة قانونية فمن بيده أن يمنع هذه الغرافات وكأن القضية بين شخصين أو طرف واحد يواجه الجميع في لحظات الحرج الذي ارتفع إلى مرتبة الخطورة على المياه في العاصمة وفي معظم أنحاء البلاد. فقبل أيام سمعت تقريراً من إحدى القنوات الفضائية ونقلته بعض الصحف اليمنية يحذّر من أن صنعاء ستكون بعد عشرين عاماً أول عاصمة في العالم بدون ماء, وسبقت هذا التقرير المؤيد من الأممالمتحدة عدة تقارير مماثلة شملت كل المدن وهي تقارير تذكر بأن الاستنزاف للمياه جائر في ظل عدم عمل روافد صناعية كالسدود والبحيرات في السفوح والمنحدرات وفي قمم الجبال منذ أن اتجه مزارعو القات إلى حفر الآبار لسقي مزارعهم السابقة واللاحقة التي توسعت بشكل غطى معظم المساحات الزراعية في بعض المناطق. وآخر ما كنا نعتبره مستحيلاً قد حدث في قاع جهران أحد سلات الغذاء في اليمن إذ امتدت إليه أيادي التخريب الزراعي والاقتصادي والبيئي بإدخال شجرة القات فيه في هجمة شرسة وسريعة دفعت بمحافظ المحافظة يحيى العمري قبل أكثر من عام إلى شن حملة لمزارع القات واقتلاع ماكان قد غرس منه, فقلنا إن هذا المحافظ سبق غيره لإنقاذ الأرض والانسان ولو في نطاق مسؤوليته أي محافظته ويستحق الثناء والتقدير.. وقلنا لأنفسنا بأن هذا الإجراء سيمنع الآخرين من التفكير في زراعة القات في القاع المذكور إلا أن محاولات السابقين تكررت ونجحت بانضمام جيرانهم وخلطائهم إليهم حتى وصلت الأمور إلى أن يعلن نفس المحافظ القيام بعملية أخرى أكبر من سابقتها لإزالة كل شجرة قات غُرست.. وإلى أن نسمع عن النتائج لايسعنا إلا أن نشد على يد المحافظ العمري وغيره من المحافظين الذين سيقتدون به ويحررون الأراضي الزراعية من عدوان القات بقوة لايستثنى منها أحد، آخذين بالاعتبار الزيادة الكبيرة والنمو السكاني المخيف الذي يحتاج إلى الطعام والبيئة النظيفة وليس إلى القات المسموم..