لم يعد الفساد مقتصراً على الجوانب المالية والإدارية بل أصبح معمماً بصورة أكبر شملت الأخلاق والقيم والمبادىء والمثل والأعراف والتقاليد النبيلة مما أدى إلى موت الضمائر الحية لدى الناس إلا من رحم ربي. الأربعاء الماضي شهدت مدينة تعز جريمة بشعة راح ضحيتها جنديان من أفراد الأمن كُلّفا من إدارة السجن المركزي بنقل أحد السجناء إلى مستشفى الثورة للعلاج كونه يعاني من مرض كما أدعى أو أنه مريض فعلاً، وقلد الله إدارة السجن والطبيب المسئول عن عيادة السجن (إذا كان يوجد طبيب وتوجد عيادة ).. المهم أن السجين متهم بجريمة قتل ومحكوم عليه بالإعدام بحكم نهائي بات كما قيل فكيف يتم نقله بسيارة بحسب ما سمعنا مع جنديين فقط؟ فإذا لم يكن لدى السجن وسيلة مواصلات فلماذا لم يتم طلب من إدارة أمن المحافظة توفير سيارة لنقل ذلك السجين إذا كانت حالته المرضية تستدعي نقله بصورة إسعافية إلى المستشفى للعلاج ؟.. أسئلة كثيرة تبحث عن إجابات شافية من قبل السلطة المحلية بمحافظة تعز ومصلحة السجون لماذا هناك تقصير في توفير وسائل مواصلات أمنية للسجن المركزي لنقل أي سجين تستدعي حالته المرضية نقله إلى المستشفى لتلقي العلاج؟. ولماذا لا يتم إيجاد عيادة طبية مزودة بالكادر الطبي والتمريضي والأدوية اللازمة.. ولماذا لا يتم تفعيل دور الرقابة والتفتيش في إدارات أمن المحافظات للقيام بمهام الرقابة والتفتيش الميداني بصورة دورية ومفاجئة إلى إدارات أمن المديريات وأقسام الشرطة وبقية الأجهزة الأمنية بما فيها السجون المركزية للوقوف على أوضاع تلك المرافق ومدى قيام المسئولين فيها بالواجبات المناطة بهم على الوجه الأكمل واحتياجاتهم من الإمكانات اللازمة للعمل ومن ثم تقييم مستوى الأداء بصورة أمينة ودافعية بعيداً عن المحاباة والمجاملة.؟ لماذا لايتم تطبيق قرار منع حيازة وحمل السلاح والتجول به في عموم مدن الجمهورية بصورة عامة وشاملة دون استثناءات لهذا أو ذاك، فالمواطنون سواسية أمام القانون بحكم الشرع والدستور. يقيناً لو كان هناك حساب وعقاب وإجراءات صارمة في حق كل من يخل بواجباته والمسئوليات المناطة به في أي مرفق من مرافق الدولة لما تجرأ بإخراج سجين متهم بجريمة قتل وعليه حكم بالإعدام وينتظر موعد التنفيذ ونقله إلى المستشفى بحجة أنه مريض ولو كان هناك تطبيق فعلي لقرار منع حمل السلاح والتجول به في المدن لما حدثت هذه الجريمة البشعة التي راح ضحيتها جنديان ليس لهما أي ذنب يستحقان عليه إزهاق أرواحهما ظلماً وعدواناً وإن كان ذنبهما الوحيد أنهما نفذا أمر المسئول عنهما بنقل السجين الذي يبدو أنه استغل طيبتهما أو سذاجتهما وأقنعهما بالذهاب به إلى محل صرافة في شارع المغتربين لاستلام حوالة مالية ثم زيارة والدته كما قيل ولم يكونا يتوقعان أو يدور بخلدهما أن هناك مخططاً لفرار السجين وأن الموت ينتظرهما على أيدي ذئاب بشرية ألفت إراقة الدماء وإزهاق الأرواح البريئة. لقد ذهب الجنديان أنور سعيد محمد ومحمد حميد عبدالجبار ضحية فساد الضمائر والأخلاق والقيم وضحية التسيب والاهمال واللامبالاة والتقصير في أداء المسئولين لواجباتهم والامانة الملقاة على عواتقهم.