كنا نظن أن سوريا دولة عربية غير نووية وليس لديها أسلحة دمار شامل مثل الغازات الكيماوية والبيولوجية التي يساويها العلماء في الخطورة والقوة بالقنابل الهيدروجينية التي تفوق القنابل النووية عدة مرات.. وهي - أي القنابل الهيدروجينية - من إنجازات “رونالد ريجان” من حيث الإنتاج في بداية الثمانينيات، أما فكرة اختراعها فقد ظهرت في نهاية الستينيات، وبها هدد المرشح الجمهوري في ذلك الوقت “باري جولد ووتر” الفيتناميين الشماليين بقيادة “هوشي منه” بالضرب والإحراق. ويعود الفضل في الكشف عن وجود دولة عربية تهدد الأمن القومي والاقتصاد الأمريكي إلى الرئيس أوباما ووزيرة خارجيته اللذين هددا صراحة بوضع سوريا تحت طائلة العقوبات القصوى التي ترتبط بالبند السابع لميثاق الأممالمتحدة الذي يجيز استخدام القوة بقرار من مجلس الأمن ضد من تختاره أمريكا والصهيونية هدفاً ثميناً بمعايير المصالح الأمريكية والاسرائيلية في الشرق الأوسط. والتهمة الموجهة لسوريا هي إمداد حزب الله اللبناني بصواريخ «سكود» بعيدة المدى، وكانت قوات «اليونيفيل» في جنوبلبنان قد نفت أن تكون تلك الصواريخ قد دخلت من سوريا وحطّت في ترسانة حزب الله. كما شكك خبير عسكري دولي من تلك القوات في رغبة حزب الله نفسه امتلاك هذه الصواريخ القوية؛ لأنه كمقاومة يعتمد على الأسلحة الخفيفة والتقليدية تفادياً لأي مواجهة من طرف واحد تستخدم فيها اسرائيل الأسلحة النووية والكيماوية في وقت واحد انتقاماً لفشلها في حرب 2006م على لبنان رغم استمرارها أكثر من شهر لم تدخّر أي نوع من أسلحتها الحديثة التي تزودها بها الولاياتالمتحدة إلا وضربت بها كل شيء إلى أن أنهت البنية التحتية في جنوب العاصمة بيروت حيث توجد أكثرية شيعية والقيادة العليا لحزب الله. والآن يتساءل السياسيون في المنطقة وفي الخارج عن اختيار هذا الوقت لتلفيق تهمة لسوريا؛ متزامنة مع الحشد الذي تقوده إدارة البيت الأبيض لتضييق الخناق على إيران بسبب برنامجها النووي خاصة أن إيران أو الحرس الثوري يجري مناورات في الخليج وبحر العرب ومضيق هرمز يختبر فيها أسلحة جديدة صاروخية بشكل خاص قادرة على ضرب أقوى وأكبر السفن الحربية وإغراقها وإغلاق مضيق هرمز في حال هاجمت اسرائيل والولاياتالمتحدةإيران. والربط بين إيرانوسوريا وحزب الله في الدعاية الأخيرة أثار استغراب العرب وغير العرب من محاولات الدولتين - أمريكا واسرائيل ومعهما الدول الغربية الكبرى - صرف الأنظار عما تقوم به اسرائيل من أعمال عدوانية مستمرة تتحدى بها من جديد الأممالمتحدة والمجتمع الدولي والرئيس أوباما نفسه الذي كان قد طلب من حكومة اسرائيل وقف عملية الاستيطان في القدس الشرقية وفي الضفة الغربية، وعدم إجراء أي تغيير بالجغرافيا والديموغرافية في الأراضي الفلسطينية بقصد تهويدها ومحو هويتها العربية الإسلامية والمسيحية. وكنا قد تفاءلنا بصحوة أمريكية متأخرة على الخطر الاسرائيلي على المصالح الأمريكية عندما أشارت إلى ذلك “هيلاري كيلنتون” وأحد مساعديها وهو “مارتن اندك” الذي كان سفيراً في وقت ما لبلاده في اسرائيل، فقد اتفق الاثنان على أن ما تقوم به اسرائيل في الأراضي الفلسطينية يدل على أنها لا تتذكر الدعم الأمريكي لها مالياً وعسكرياً. أي أن هذا الدعم قد يتبدل في حال واصلت اسرائيل استفزازاتها وتوسعاتها الاستيطانية وتدمير وتدنيس الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية وعلى رأسها القدس والمسجد الأقصى الشريف، لأن ذلك يضر ضرراً كبيراً بالمصالح الأمريكية في المنطقة مستقبلاً. وكان “اندك” أحد الذين شاركوا في زيارات عديدة لدمشق خلال السنتين الماضيتين بغية تقريب وجهات النظر وتحسين العلاقات لما لسوريا من أهمية في صنع السلام والاستقرار بناءً على قراري مجلس الأمن 242 , 338 عام 67م اللذين نصّا على انسحاب اسرائيل من الأراضي العربية التي احتلتها في يونيو من ذلك العام بما فيها مرتفعات الجولان السورية. وقد استطاع اللوبي الصهيوني تخريب طريق المفاوضات والتفاهمات السورية - الأمريكية باختلاق ذرائع ونسج اتهامات لسوريا كالقول بأنها تسعى لصنع أسلحة نووية، وتشجع الإرهاب، وتعمل على عدم التوصل إلى اتفاق سلام في المنطقة خاصة مع الفلسطينيين، وتقوّي روابطها الكبيرة مع إيران، وتؤوي الفصائل الفلسطينية المعارضة للمحادثات التي لم تسفر إلا عن تصلب وتوسع اسرائيلي في الأراضي الفلسطينية.