لفت انتباهي كلام أحد الخبراء الجيولوجيين اليمنيين في التقرير الذي بثته قناة« الجزيرة» قبل يومين عن كوارث الصخور المحتملة التي كانت بدايتها المشهورة في قرية الظفير بني مطر بالقرب من صنعاء قبل سنوات قليلة، وما ذهب إليه من سبقوه حول حتمية تعرض عدة مدن وقرى للانهيارات الصخرية الضخمة. هذا التقرير الذي أعتبره جرساً وآمل أن تعمل السلطات المحلية والمركزية على اتباع رأي المهندس الجيولوجي بعدم التصريح في شق الطرق وبناء المساكن والأنفاق في المنحدرات وسفوح وبطون الجبال وقممها إلا بالرجوع إلى هيئة المساحة الجيولوجية لدراسة المواقع وتعديل الخطط التي ربما وضعت على عجل لتلبية الطلب المتزايد على الطرق والجسور والأنفاق والبيوت في المدن والأرياف بحيث ضاعت معالم قرى قديمة بمميزاتها اليمنية الجميلة رغم بساطتها وقدمها وتناثرها. فقد أظهرت عدسة «الجزيرة» جزءاً من كارثة الظفير وبثت صورة لعدد من المنازل الجديدة التي تبرع بها أحد الأمراء السعوديين وهو الوليد بن طلال بن عبدالعزيز أثناء تسليمها من قبل فخامة الرئيس لعدد من المواطنين الذين فقدوا معظم أو بعض أسرهم وبيوتهم، وعملية تكسير الصخور الضخمة التي مازالت واقفة على رأس تلك القرى والقرى الأخرى المماثلة في وقوعها تحت رحمة الصخور الهائلة منذ مئات السنين. فأربعون قرية ومدينة تتهددها الصخور ويعيش سكانها الخوف الدائم خاصة عندما تنزل الأمطار أو تشق الطرق أو تحفر أساسات البيوت المعلقة في صبر مثلاً والمحويت وبني مطر وسمارة والسياني وحجة وصعدة لابد أن تتخذ الجهات المعنية ما يجب من الحماية والاحتياطات اللازمة قبل أن تحدث الكارثة وتذهب نفوس وممتلكات بالصخور الساحقة التي لا تبقي ولا تذر وأن تكون الشراكة بين الأشغال وهيئة الجيولوجيا أقوى وأشمل لتفادي مثل هذه الأخطار. أما السباق على شق الطرق فقد بدأ في مطلع السبعينيات بوتيرة تنافسية شابها العشوائية والحماس في ربط القرى ببعضها وبالمدن في أسرع وقت،فأنشئت مئات الكيلومترات من الطرق مع المئات من المدارس والمستوصفات والمراكز الصحية ومشروعات المياه بفضل اندفاع المخلصين الشرفاء وبمساندة الجماهير اليمنية .. هذا السباق قد نتج عنه وبصورة غير مقصودة مشاكل الصخور التي تركت بعد شق الطرق دون قاعدة صلبة وإنما فوق التربة والأحجار الصغيرة التي سرعان ما ستتدحرج من تحتها عندما تتشبع بالرطوبة فتنزل وتدمر كل ما في طريقها،وحينها لن ينفع الندم والحزن على الضحايا.