(1) وردت أنواع من الشخصيات في القصص القرآنية ويمكن ان نعددها في الآتي :- 1/ الأنبياء والمرسلين مع أقوامهم وهم النصيب الأكبر 2/ شخصيات مجهولة في التاريخ تم ذكرهم كأصحاب الجنة أو ذي القرنين أو غيرهم 3/ شخصيات غير إنسانية كالهدهد و النملة أو الجن في قصة سليمان (ع) وهو ما انفرد به القرآن الكريم والشخصية في القصة تنقسم إلى نوعين:- 1/ شخصية أو شخصيات أساسية أو محورية تدور حولها اغلب أحداث القصة 2/ شخصيات ثانوية تظهر في بعض مقاطع القصة وتقوم بدور في دفع عجلة الصراع في القصة إلى نقطة العقدة . ونلاحظ ان الإبهام هو الأمر الطاغي على الشخصية في القرآن الكريم فنادرا ما يذكر شخصية باسمها لكن يغلب عليها لقبها أو كنيتها ويعلل لذلك الشيخ الشعراوي قائلا ان القصص القرآني لو حددها بشخصيات معينة لقيل : إنّ القصص لا يمكن أن تحدث إلا على يد هذه الشخصيات؛ لأنها فلتات في الكون لا تتكرر .إن الله حين يبهم في قصة ما عناصر الزمان والمكان والأشخاص وعمومية الأمكنة إنه - سبحانه - يعطي لها حياة في كل زمان وفي كل مكان وحياة مع كل شخص ، ولا يستطيع أحد أن يقول : إنها مشخصة . ولذلك إذا أراد الحق أن يبهم فقد أبهم ليعمم ، وإن أراد أن يحدد فهو يشخِّص ومثال ذلك قوله تعالى : { ضَرَبَ الله مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ امرأة نُوحٍ وامرأة لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ الله شَيْئاً وَقِيلَ ادخلا النار مَعَ الداخلين } [ التحريم : 10 ] لم يحدد الحق هنا اسم أي امرأة من هاتين المرأتين ، بل ذكر فقط الأمر المهم وهو أن كلا منهما كانت زوجة لرسول كريم ، ومع ذلك لم يستطع نوح عليه السلام أن يستلب العقيدة الكافرة من زوجته ، ولم يستطع لوط عليه السلام أن يستلب العقيدة الكافرة من زوجته ، بل كانت كل من المرأتين تتآمر ضد زوجها - وهو الرسول - مع قومها ، لذلك كان مصير كل منهما النار ، والعبرة من القصة أن اختيار العقيدة هو أمر متروك للإنسان ، فحرية العقيدة أساس واضح من أسس المنهج . وأيضا قال سبحانه في امرأة فرعون : { وَضَرَبَ الله مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ امرأت فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابن لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الجنة وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ القوم الظالمين } [ التحريم : 11 ] لم يذكر اسمها؛ لأنه لم يهمنا في المسألة المهم أنها امرأة من ادعى الألوهية ، ومع ذلك لم يستطع أن يقنع امرأته بأنه إله . لكن حينما أراد أن يشخص قال في مريم عليها السلام : { وَمَرْيَمَ ابنت عِمْرَانَ التي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ القانتين } [ التحريم : 12 ] لقد ذكرها الحق وذكر اسم والدها ، لأنها معجزة لن تتكرر ، ولذلك عرفها الله لنا فقال « مريم ابنة عمران » وقال « عيسى بن مريم » حتى لا يلتبس الأمر ، وتدعي أي امرأة أنها حملت بدون رجل - مثل مريم- نقول : لا . معجزة مريم لن تتكرر ولذلك حددها الله تعالى بالاسم فقال : عيسى بن مريم . ومريم ابنة عمران . و في رواية قصص الأشخاص – سواء أنبياء أو غيرهم- العبرة في القصص القرآني لأنها تنقل لنا أحداثا في التاريخ تتكرر على مر الزمن ، ففرعون مثلا هو كل حاكم يريد أن يُعْبَدَ في الأرض ، وأهل الكهف مثلا هي قصة كل فئة مؤمنة هربت من طغيان الكفر و انعزلت لتعبد الله ، وقصة يوسف عليه السلام هي قصة كل أخوة نزغ الشيطان بينهم فجعلهم يحقدون على بعضهم ، وقصة ذي القرنين هي قصة كل حاكم مصلح أعطاه الله سبحانه الأسباب في الدنيا ومكنه في الأرض فعمل بمنهج الله وبما يرضي الله ، وقصة صالح هي قصة كل قوم طلبوا معجزة من الله فحققها لهم فكفروا بها وهكذا ... وللحديث بقية.