لم يعد القول مقنعاً بأن موجة الغلاء الفاحش بسبب الأزمة الاقتصادية قد سقطت أمام الإجراءات والإصلاحات الاقتصادية والمالية التي أجرتها الحكومة وأشادت بها المؤسسات المالية الدولية, وظهرت نتائجها على الريال اليمني الذي استعاد عافيته أمام الدولار, وبقي علينا القول أمام هذا الغلاء الفاحش إن سببه يكمن في خطين متوازيين إذا تقاطعا انهار الغلاء وانفرج الأمر وانقشعت الغمة وتبددت سحابة الموت المفجع, وعاد الأمل من جديد إلى نفوس الناس. إن الخطين اللذين يشكلان خط الأمان والاطمئنان في حالة تقاطعهما هما الإجراءات الدستورية والقانونية العقابية ضد المغالين والمحتكرين والجشعين من التجار الذين لا يقنعون بالربح الحلال والمشروع, ومتى ما فعل هذا الخط بأمانة وإخلاص ودون محاباة أو مجاملة أو تستر على المرابين والمغالين والمحتكرين أياً كانوا, فإن ذلك سيتقاطع مع الخط الثاني وهو الضمير الحي لدى بعض التجار المؤمنين بالربح الحلال, وهذا يحتاج إلى سلطات محلية قوية بقوة الدستور والقانون وسلطة مركزية شديدة الإشراف والرقابة, وشديدة في فعلها العقابي ضد المخالف من كبار التجار وصغارهم والمرتشي والمتستر من السلطة المحلية. أما الوقوف أمام هذا الغلاء والبحث عن المبررات التي تخدم المغالين والمرابين والمحتكرين فذلك جرم عظيم يستوجب العقاب من الله سبحانه وتعالى, فماذا ننتظر أمام هذا كله؟ ولماذا لا تحرك الجهات المعنية بتأمين أقوات الناس ساكناً وهي تدرك أن التجار يعبثون عبثاً خطيراً بالسوق ويسومون الناس سوء العذاب؟. لقد استبشر الناس خيراً بصمود الريال اليمني واستعادته عافيته أمام الدولار, ولكنهم تفاجأوا باستمرار الأسعار في الارتفاع وتفاوتها من تاجر إلى آخر, وعندما طالبوا الجهات المعنية بالتدخل لضبط السوق وجدوا من يدافع عن التجار ويتستر على بعضهم من المغالين والمحتكرين, فأين دور السلطة المركزية في مثل هذه الحالة؟ كما أننا في العشر الأواخر ودعوة المواطن اليوم ليس بينها وبين الله حجاب, فأين الذين ستعتق رقابهم من النار من المسئولين والتجار, وهل يدركون أن عيد الفطر على أبواب المواطنين فيدركون الفرصة لإدخاله إلى باحات بيوتهم؟! نأمل ذلك بإذن الله.