عندما تتخذ الحكومة أي إجراء عقابي ضد العابثين بالنظام والقانون يشعر المواطن بالأمان والاطمئنان, ويبدي المواطن تفاعلاً وتعاوناً مميزاً مع إجراءات الحكومة, ولكنه يشعر بخيبة الأمل والخوف والقلق وعدم الثقة عندما لاتحرك الحكومة ساكناً ضد المخالفين والمتجاوزين للدستور والقانون, سواء كانوا تجاراً مغالين ومرابين ومحتكرين, أو قطاع طرق وقتلة أو مخربين أو ناهبين للأموال العامة, أو متسلطين على رقاب البسطاء من الناس, ولذلك فلا يجوز التباطؤ أو المماطلة في اتخاذ الإجراءات العقابية ضد المخالفين أياً كانوا, لأن الناس أمام الدستور والقانون سواسية كأسنان المشط. إن إنفاذ الدستور والقانون على الكافة دليل عملي على جدية الحكومة, واهتمامها بالمواطن وأمنه واستقراره وتأمين حياته وصون كرامته, وهذه الإجراءات الدستورية والقانونية من ضروريات قوة الحكومة وقدرتها على فرض هيبة الدولة وسلطان الدستور والقانون, دون تردد أو مجاملة أو محاباة لأحد, لأن تلك الإجراءات الدستورية لازمة التطبيق على الكبير والصغير, لايتخاذل في إنفاذها إلا من في قلبه مرض, وهنا على الجهات الرقابية والإشرافية العليا أن تقوم بواجباتها حيال تلك المخالفات وتنزل أعلى درجات العقوبة في حق المتخاذلين. لقد برهنت الأحداث أن أي تراجع أو تراخٍ في إنفاذ الدستور والقانون والميل إلى المداراة والمهادنة والمحاباة, إنما يخلف ضعفاً في أجهزة الحكومة, ويعطي الخارج على الدستور والقانون مبرراً لممارسات جديدة وأفعال أخرى تضر بالمصالح العامة, وتقلل من هيبة الدولة وتنتقص من قوة الدستور والقانون, وأعمال كهذه تضاعف الإحساس بالقلق والشعور بعدم الثقة لدى المواطن, وتجعله غير قادر على المواجهة ورفض المتمرد على الدستور والقانون, الأمر الذي يمكن الخارجين على الدستور والقانون من فرض إرادتهم على المواطنين. ولئن كان مثل هذا التقصير في الاداء قد خلق مشاكل مشاهدة على ارض الواقع العملي, فإن الواجب يحتم على الحكومة محاسبة المتسببين في إضعاف أجهزة الدولة, والمتراخين في اداء المهام الوطنية من أجل اعادة الثقة إلى نفوس المواطنين لكي يكونوا سنداً قوياً لأجهزة الدولة في إنفاذ الدستور والقانون على الجميع, وذلك مطلب ملحّ على الحكومة الالتزام به خلال المرحلة المقبلة لنتخلص من سلبيات الماضي وإلى الأبد بإذن الله.