يعتقد الباحثون السياسيون المتخصصون في علم السياسة أن الطريق السليم للوصول إلى السلطة هو: الإيمان أولاً بمفهوم التداول السلمي للسلطة ,واعتبار ذلك منهجاً إلزامياً يسلكه الساعون إلى السلطة ,وهذا يقود إلى الإيمان العملي بالممارسة الديمقراطية الشوروية ومبادئها وآدابها ونتائجها ,والرضوخ لذلك كله ,مؤكدين أن الديمقراطية الشوروية وممارستها تنتج أغلبية تؤمن ببرنامج سياسي يلامس هموم وتطلعات الناس وتجعلهم يدافعون عنه ويصوتون له في العمليات الانتخابية. إن الباحثين السياسيين لم يأتوا بمثل هذه النظرية من مجرد التفكير الفلسفي ,بل من خلال دراساتهم لواقع المجتمعات وأسباب الصراعات والمؤامرات والانقلابات التي قادتهم إلى استخلاص النتيجة: أن سبب تلك الصراعات الدموية التي ظهرت في الكيانات البشرية يكمن في كيفية الوصول إلى السلطة واحتكارها في سلالة أو طائفة أو فئة أو شلة أو جماعة مصالح خاصة , وإرغام الشعوب على الخضوع لإرادة تلك القلة المتسلطة والقابضة على الحكم بقوة الحديد والنار, الأمر الذي قاد إلى التآمر والانقلابات والاغتيالات ,ولم يجدوا أبداً للخلاص من تلك الهمجية من التفكير في منهج سليم يكفل المشاركة الكلية في صنع الحياة والرضا المطلق من الشعب صاحب السلطة ومصدرها. لقد مرت نظرية التداول السلمي بالعديد من المراحل في الفكر الأوروبي والفكر الماركسي والفكر الإسلامي ,وكان المفكرون والباحثون في هذه المدارس يبحثون عن الحقيقة التي توصل المجتمعات إلى التداول السلمي للسلطة ,فبالغ بعض الفلاسفة وتحدث عن المدنية الفاضلة ثم روّض هذا الفكر باللجوء إلى ضوابط قانونية حتى جاء الدين الإسلامي الحنيف الذي جاء بمبدأ الشورى الذي يضمن المشاركة السياسية الفاعلة لكل مكونات المجتمع من خلال إلغاء الاعتماد على العنصرية ونبذها جملة وتفصيلاً والمساواة بين الناس وإلزامية رأي الأغلبية مع احترام رأي الأقلية. ولئن كانت نظرية التداول السلمي للسلطة قد حققت الأمن والاستقرار في المجتمعات البشرية ,فإنه من باب أولى لنا نحن في اليمن الالتزام بهذا المبدأ ولايجوز التفكير في وسائل غير مشروعة في هذا المجال ,فمتى يكف الطامعون في السلطة عن هذا التفكير الذي لايمكن أن يقبله شعبنا ,وهل لهم أن يؤمنوا بالديمقراطية؟ ذلك ما نأمله بإذن الله.