من أعجب الكتب التي قرأتها عن الشذوذ الجنسي كتاب (أصول الدافع الجنسي) لكولن ولسون صاحب كتاب اللا منتمي ونهاية الحضارة. وفيها ذهلت من أشكال الشذوذ الجنسي، مثل الساديين والمازوخيين والفتيشيين (عشق الملابس الداخلية) أو حتى ممارسة العلاقة مع الجثث والبهائم!. وفي كتاب بيتر فارب عن (بنو الإنسان) تعرّض للعلاقات الجنسية فقال: لم يبق شكل من أشكال العلاقات الجنسية إلا ومارسها بنو آدم، وأخيراً استقرت على الشكل النووي لبناء العائلة بعد أن ثبت أنها أصلح العلاقات, أي رجل لامرأة, ومنها يخرج البنون والحفدة.. وفي القرآن الكريم جاءت قصة يوسف, فتحدث عن العلاقة الجنسية على نحو مهذب, ولكنه لم يسكت عنها بل ذكرها وناقش أجواءها النفسية تحت كلمة “ولقد همّت به وهمّ بها” وكلمة “هيت لك”. وفي صيف عام 2010م تحركت المظاهرات في بولندا حيث احتشد آلاف المثليين يريدون من العالم أن يعترف بهم ويعلن في المحاكم شرعية الزواج من ذكر بذكر وامرأة بامرأة، وهو ما اعتمدته قوانين بعض الدول, فأباحته على أساس أن كل مباح يتحول عادياً، وكل ممنوع يصبح مرغوباً ممارساً سرياً. وقصة المثليين تضرب في جذور التاريخ منذ أيام مملكة أنكور في الهند في حكم “راجا راجا”، أو أيام أثينا حين خرجت كتيبة كاملة من المثليين في حربها مع أسبارطة فماتوا سوية متعانقين. والمشرع في هذا يجب أن يعتمد الحقائق العلمية قبل نزعات الشواذ ورغبات المنحرفين.. ومنه تخبر كندا كل مهاجر أنها ستحميه وعائلته من البورنو. “ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً” “وخلق الإنسان ضعيفا”. والمشكلة في المثليين هي في قفزها من عتبة الأفراد إلى الظاهرة الاجتماعية، فيقول قوم لوط: “أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون” فتصبح الطهارة عيباً, والقذارة فضيلة!. ويقول النبي المحرج أمام ضيوفه: “لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد”. وفي الشذوذ الجنسي تستوي الرهبنة مع البورنو والستربتيز، ومن الرهبنة تولدت الستربتيز ظاهرة التعري، فهما قطبان للانجراف والانحراف والعلاقة غير السوية. وأنا شخصياً حين انفجر مرض الايدز وقفت أمام ظاهرة المنحرفين المثليين فوضعتها للدراسة العلمية، أمام هذا المرض الذي انفجر وقضى على ثلاثين مليوناً من الأنام حتى اليوم ومصاب به عشرات الملايين إلى درجة انقراض أجيال في أفريقيا, تقول مجلة “الشبيجل” الألمانية عنهم ظاهرة رعاية الأجداد للأحفاد، دون أمل في علاج ولقاح حتى اليوم.. وحين أطلّ المرض بقرنه قفزت وزيرة الصحة الأمريكية فأعلنت بتهوّر أن هذا المرض مسألته عاماً أو عامين ويصبح تحت السيطرة, وها قد مضى على المرض ثلاثون عاماً, وتهاوت دعاوى وزيرة الصحة الأمريكية، فليس تحت السيطرة بل منجل يحصد الأرواح إلى بلاد الأتراح. وللعلم فإن مرض الأفرنجي (الزهري = Syphilis) استمر يضرب القارة الأوروبية أكثر من أربعة قرون؛ فحصد أجيالاً من البشر، وأصيبت أجيال بالعتة والعمى والصمم والسرطانات ونخر العظام، حتى كشف الله سرّه أمام عيني (فريتس شاودين) فعرف مسببه في اللولبية الشاحبة أفعى الزنى، ثم وبواسطة البنسلين تم القضاء على المرض في أي مرحلة، ولكنه في حالة ردة اليوم كما في أمراض أخرى. وحين يتعرض القرآن لظاهرة التوحيد فإنه يعرض نماذج متنوعة من الانحراف العقائدي والسلوكي، فهو في قصة شعيب الكيل والميزان, كما هي في كارثة الرهن العقاري الأمريكي عام 2008م أي الجشع الاقتصادي، أما في قصة النبي لوط التي تناثرت في عشرة مواضع في القرآن الكريم بشكل تفصيلي فهي في الانحراف الجنسي بالعلاقة المثلية.. وهنا أزعم أنني وضعت يدي على سر مغيب في نهاية هذه الأقوام أن نهايات الحضارات كما يقول توينبي المؤرخ البريطاني إنها تتشابه وتنتهي في علة واحدة في الانتحار الداخلي وفقد قدرة تقرير المصير. وهي في قصة قوم لوط زلزال وبركان ماحق يذكر بقصة بومبي وهيركلينويس في إيطاليا حين تحولتا إلى رماد, كذلك كان الحريق الأعظم في قوم لوط، فالايدز الذي يزحف عبر القارات والتهم الموت عشرات الملايين ويتحول في أفريقيا إلى وباء، كان أيام النبي إبراهيم بؤرة مهددة لبقاء الجنس البشري كله. فنحن مع كل التقدم العلمي مازلنا أمام الإيدز عاجزين, ولكنه أيام لوط كان سيلتهم الجنس البشري كله في أعداد ليست بالكثيرة, فربما كان الجنس البشري قبل أربع آلاف سنة لا يتجاوز 200 مليون نسمة, فوجب علاجه بالحرق والبركان. وأذكر أن شرارة مرض الإيدز معروفة تماماً وأنها انطلقت من مضيف على الخطوط الكندية كان يبدل أخدانه أكثر مما يبدل قمصانه. يقول القرآن: “فجعلنا عاليها سافلها, وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود”.. وبذلك تم إنقاذ الجنس البشري من الإيدز القديم حتى انفجر مع شواذ القرن العشرين!!.