قبل الحرب العالمية الثانية لم تكن هناك مشكلة تتعلق بالعملة، فقد كانت العملة مُجيّرة على قيمتها الذهبية، استناداً لكون الذهب بضاعة نادرة من جهة، وغير قابلة للاندثار والتحلل من جهة أخرى .. لذلك لم يكن غريباً أن يلجأ الناس إلى الذهب بوصفه أفضل معيار للقيمة والتبادل، ثم تالياً، أفضل مخزن للقيمة، بالترافق مع الائتمان الذي تجسّد عملياً في أول عملة ورقية سميت «البنكنوت»، وقد كانت بنوك الإصدار لعملة البنكنوت تحتفظ بما يوازيها ذهباً، بل تُقايض بها الذهب إذا ما أراد حاملها بديلاً ذهبياً لعملته، ومع توالي الأيام تمّ اعتماد الفضة وتحرير الشيكات والكمبيالات، وكانت كلها وسائل ائتمان حقيقية تضع بعين الاعتبار قانون العملة . سارت الأمور على هذا النحو المنطقي حتى جاءت الحرب العالمية الثانية، وحال انتهائها تبارى المنتشون بالظفر ليقرروا من طرف واحد أنهم سدنة الدنيا وقادتها، وتمثل هذا القرار في النظام النقدي الذي اجترحوه في قرية «برتن وودس» بالولاياتالمتحدة . يومها كانت الولاياتالمتحدة تتوفّر على كمية استثنائية من الذهب، وتعتبر نفسها المنتصرة الأُولى في الحرب ضد الهتلرية الألمانية، والفاشية الايطالية على الجبهتين الأوروبيتين، مُتناسيةً الدور الروسي الحاسم في هزيمة جيش الرايخ المعتدي. كما اعتبرت الولاياتالمتحدة نفسها المنتصرة على العسكرية اليابانية، بالترافق مع أول انفراد باستخدام للقنابل النووية في مدينتي هيروشيما وناجازاكي اليابانيتين، ضاربةً عرض الحائط بالتضحيات الآسيوية الجسيمة على مذبح الحرب. منذ ذلك الحين بدأ منطق الظفر العسكري يأخذ مجراه في المال الدولي مما سنأتي عليه تباعاً. [email protected]