لا يجهل أحد منا أن مستقبل العالم المائي أصبح في خطر، نظراً لتطورات الظروف المناخية والطبيعية ومن خلال ذلك أصبحت الكثير من بلدان العالم تعاني من مشاكل وأزمات المياه، وهذا الوضع الخطير قد أفرز الكثير من المشكلات بين البلدان خصوصاً تلك البلدان التي تشترك أو تقع على الأنهار، ومثال تلك الخلافات القائمة بين بلدان حوض النيل ونتيجة للشحة في المياه، التي يعاني منها العالم فإن الخبراء يرجّحون بأن الحروب المستقبلية بين البلدان ستكون بالطبع حروباً على المياه وأشير هنا إلى أن التقارير تؤكد بأن بلدان العالم العربي هي أكثر بلدان العالم نقصاً وشحة في المياه وهذه الصورة القاتمة تفرض على الحكومات العربية أن تأخذ مثل هذه التقارير بكل مسئولية بالعمل على مواجهة مثل هذه الأوضاع التي قد تهدد الحياة برمتها، فلابد من وضع الخطط العاجلة والآجلة وأهمها بناء السدود الضخمة والحواجز المائية للاستفادة من مياه الأمطار التي تذهب دون أن نستفيد منها بالإضافة إلى وضع الخطط الهادفة إلى ترشيد استهلاك المياه سواءً في الزراعة أم الاستهلاك المنزلي، لأن الوضع لا يتحمل الهروب من المشكلة أو التقاعس عنها ولأن الأمر يتعلق باستمرار وديمومة الحياة. ومن المعلوم أن هناك بلداناً عربية هي أكثر فقراً في الثروة المائية ومن هذه البلدان بلادنا بالطبع، وكلنا يلمس أن هناك جهوداً وتشريعات تقوم بها الحكومة من أجل الحفاظ على الثروة المائية والعمل على تنميتها خصوصاً أن اليمن لا تمتلك أنهاراً كما هو الحال في بلدان أخرى، فهي تعتمد على مياه الأمطار والتي أصبحت شحيحة خلال السنوات الأخيرة وكان آخر جهود الحكومة في هذا الخصوص هو عقد المؤتمر الوطني لإدارة وتنمية الموارد المائية الذي عقد مؤخراً في صنعاء، لكن كل ما يتم بذله من جهود للتقليل من خطر المشكلة لا يرتقي إلى مستوى الخطر الذي يهددنا جميعاً ودليلي على ذلك هو عدم إصدار تشريع يحد من زراعة القات الذي أصبح يهدد ثروتنا المائية، حيث إن أشجار القات تستهلك المياه بصورة كبيرة كما أن حفر الآبار العشوائية هو الآخر من أسباب استنزاف المياه. لذا أقول: إنه على الجهات المعنية باعتبارها المسئول الأول في الحفاظ على ما تختزنه الأرض من المياه ردع العابثين به ولكي ندرأ عنا خطر أزمة المياه سواءً في المستقبل القريب أم البعيد لابد وأن تخصص الحكومة النصيب الأكبر من ميزانياتها السنوية لبناء السدود والحواجز المائية لأنه ليس هناك من مخرج آخر يعوضنا عن تنمية الثروة المائية.. وهنا نأمل ونتطلع إلى أن تتوازى الندوات والمؤتمرات مع الفعل على الواقع كترجمة حية وحقيقية لكل القرارات والتوصيات التي تخرج بها مثل تلك الفعاليات، لأن المستقبل قاتم في مسألة المياه إلا إذا جادت السماء بخيراتها واستنهضت الحكومة مهامها.