المؤشرات التي تؤكدها اللقاءات والمؤتمرات العلمية الخاصة بمشكلة المياه في العالم العربي تقول إن العالم العربي مهدد بأزمة مياه خلال العقود القليلة القادمة وهذه المشكلة الخطيرة تهدد وجود كيان الأمة فلا زرع ولا ضرع ولاحياة بوجود هذه المشكلة. هناك بلدان عربية قليلة أحسن حظاً من غيرها في المياه لوجود الأنهار فيها أو لوجود احتياطي كبير فيها إلا أن مثل هذه الدول أصبحت مهددة من دول أخرى فنهر النيل مثلاً قد تعرض لعدة محاولات لتحويل مجراه وكان وراء ذلك بالطبع إسرائيل إلا أن مثل تلك المحاولات فشلت نظراً لأسباب فنية وجغرافية إلا أن الخطر لايزال قائماً من خطوات قادمة كما أن إسرائيل تعمل على تحويل مجاري الأنهار وشفط المياه من المناطق المجاورة لها في فلسطين والأردن وسوريا كما أن نهري دجلة والفرات واللذان يمدان العراق وسوريا بالمياه قد تعرضا هما أيضاً لمحاولات للتقليل من منسوب المياه إليهما بفعل قيام مشاريع وسدود عملاقة على مصباتهما. من هنا فإن مثل هذه المشكلة الخطيرة التي تهدد وجودنا على أرضنا لابد من الوقوف عندها طويلاً وبصورة جماعية لأن الحلول يجب أن تكون مشتركة وبعيداً عن الأنانية الضيقة فالخطر سيطال الجميع فبالرغم من ندرة المياه في عالمنا العربي ألا أن هناك هدراً كبيراً لثروتنا المائية دون وعي لخطورة ذلك ففي اليمن مثلاً تهدر كميات كبيرة من المياه من أجل زراعة القات وهو محصول غير نقدي ولا اقتصادي في المفهوم العلمي للاقتصاد،وهناك دول عربية تهدر كميات كبيرة من المياه من أجل زراعة محاصيل قد لاتؤتي مردوداً يساوي القيمة الكبيرة للمياه وهناك كثير من العبث بهذه الثروة قد لاندرك أهميتها إلا عند مرحلة الخطر لذا فإن المسؤولية الكبرى هنا تقع على أصحاب الشأن في هذا الخصوص فعليهم تقع المسؤولية الوطنية والقومية باتخاذ إجراءات وخطوات آجلة وعاجلة في تنمية الثروة المائية ووضع الخطط والبرامج التي تؤمن حاجة المواطن العربي من المياه وأن تبعد عنه شبح الخوف في المستقبل،فلا بد من وضع الاستراتيجيات الطموحة من خلال رصد الميزانيات الكافية لبناء المزيد من السدود والحواجز المائية والاستغلال الأمثل لمياه الأمطار والمياه الجوفية وتبادل الخبرات في هذا الجانب،والعمل على تحلية ماء البحر إن أمكن بالرغم من التكلفة العالية لذلك والعمل على نشر الوعي بين أوساط الناس بأهمية الثروة المائية ووجوب المحافظة عليها من خلال إقامة الندوات واللقاءات على مستوى الريف والحضر والعمل على تشجيع بناء الخزانات الصغيرة والخاصة بدعم مادي لكل من يريد بناء ذلك.. مثل هذه الأمور يجب أن تكون حاضرة حتى نستطيع مواجهة خطر قد لاندرك عواقبه، ونحن هنا في اليمن من البلدان الأكثر جفافاً ولابد أن تكون الجهود مضاعفة وعلى الدولة أن تقوم بتسخير الموارد الكافية لبناء السدود والحواجز والخزانات المائية من أجل استغلال سيول الأمطار المصدر الرئيسي.