في كل المنعطفات والأزمات التي تبرز في المشهد السياسي اليمني تظهر الحكمة لتحل محل الانسداد الذي كان سيوصل الأمور إلى دائرة الانغلاق أو إلى نقطة ملبدة بالغيوم الارتباكية التي تجر نفسها فيما بعد إلى عوالم وتشكيلات حادة. هذه الحكمة الملازمة لنا كيمنيين جعلتنا نرتكز على العقل باعتباره المخلص لكل ما يمكن أن يؤدي بنا إلى ما هو غير منطقي من حدة أو استعجال سواء من نفر من الناس أو جماعة أو أحزاب. واللافت أن الحكمة التي لا تغيب عن بالنا تأتي في أصعب اللحظات لتمحو حالة من الشد والجذب والغليان الذي يترافق مع اللحظة نفسها، هذا السلوك الحضاري المستمد من ثقافة الماضي الذي جبلت عليه الذهنية اليمنية المعروفة بالحكمة كان ولا يزال عافية لنا خاصة في الظروف الصعبة. لذا جاءت المبادرة الرئاسية من قائد حكيم ومتمرس لتمحو الكثير من القضايا التي كانت محل خلاف حيث كان الشارع السياسي يتناول العديد من الأمور واستنفر البعض لكي يفتعل الأزمات ويخلط الأوراق في محاولة لكي يصل إلى نقطة الخلاف. في الوقت التي كانت الدعوات العديدة من قبل فخامة الرئيس علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية تضع أكثر من مرة العديد من الحلول وتفتح آفاقاً واسعة من الإصلاحات في سبيل التداول السلمي للسلطة وتكريس لغة الحوار لكل أطراف العملية السياسية. المبادرة الرئاسية الحكيمة والصائبة وضعت النقاط فوق الحروف لتعطي البراهين بأن حكمة الرئيس ليست غائبة، وأن وطن 22 مايو لن يبخل لأبنائه بمد مظلة الأمان فوق سماء الجميع، حيث انطلقت المبادرة من جانب مهم وهو إشراك الجميع في الشأن الوطني الذي يمهد بالأساس إلى خلق الشراكة في كل ما يعتمل في الوطن حيث استئناف أعمال اللجنة الرباعية المشكلة من المؤتمر الشعبي العام وأحزاب اللقاء المشترك الممثلة في البرلمان لكي تبدأ باستكمال المهام المناطة بها ووضع العديد من القضايا على مائدة الحوار دون إبطاء وفي زمن قياسي، كما جاءت المبادرة لكي تعلن تجميد مشروع التعديلات الدستورية والفصل في مسألة التوريث والتمديد لكي ينتهي اللغط في الطروحات التي كانت تعرقل سير الحوارات المفتوحة. ومن هذا كله فإن المبادرة الرئاسية مبادرة الحكمة والعقل كانت محل ارتياح العديد من القوى السياسية والشخصيات الاجتماعية والأكاديمية التي رأت بصمات الرئيس القائد وحكمته واضحة لتقضي على أي عائق في طريق التنمية والديمقراطية. والآن ليس أمام القوى السياسية والأحزاب إلا أن تعمل وتبدأ في ترجمة تلك المبادرة إذا أرادوا بالفعل أن يكون الوطن هو الهدف الذي يعملون من أجل تطويره والسير به إلى بر الأمان، كما أن الإخلاص والنوايا الحسنة إذا حضرت سوف تكون هي السائدة في التعاطي مع كل ما يهم الوطن بدلاً من الانجرار وراء المصالح الضيقة والمناكفات في زمن متسارع وعصر يتعاطى مع تطور الشعوب وتقدمها وليس غير.