أظهرت الأحداث الأخيرة وعياً مجتمعياً عالياً لدى الناس ، وجعلت الحكماء والبسطاء من الناس يفكرون بطريقة واحدة، وفي هدف واحد ووسيلة واحدة, وهو الحفاظ على نعمة الأمن والاستقرار وعدم السماح لمن يحاولون الإخلال بهذه النعمة أو البعث بها, الأمر الذي جعلني أعود إلى الجذور التاريخية لحضارتنا اليمنية، فوجدت أن دعاة الفتن لا تخلو مرحلة من مراحل التاريخ منهم، لأن الشيطان تعهد بذلك عندما أمره الله سبحانه وتعالى بالخروج من الجنة بعد غوايته لآدم وحوى عليهما السلام، وكان العقلاء وحدهم هم الذين يقفون في وجه الفتنة ويمنعون انتشارها ويقللون من آثارها التدميرية وكان الحكماء والعقلاء وهو ما يعرف اليوم بالنخب السياسية والفكرية والثقافية يعانون كثيراً في سبيل إخماد الفتن نظراً لقلة الوعي المعرفي وضعف الاتصال والتواصل وانعدام وسائله. إن الوعي المعرفي والتنويري الذي شهدته المرحلة الراهنة من انتشار العلم والمعرفة عبر المدارس ومراكز الدراسات والبحث العلمي وتعدد وسائل الاتصال المعرفي وقربها من المواطن قد مكنت عامة الناس من المتابعة والتعرف عن قرب على الأهداف والغايات لأصحاب الدعوات الكيدية ومثيري الفتنة، وجعلت المواطن البسيط قادراً على التمييز بين النافع والضار، وأعطته قدراً لا بأس به من المعرفة الايجابية التي تجنبه الوقوع في المنزلقات الخطيرة التي تهدد الأمن والسلم الاجتماعي وهذه الحالة لمسناها في المدينة والريف على حد سواء حيث نجد الكافة يرفضون الدعوات المناطقية والمذهبية والقروية والسلالية والعنصرية ويرفضون الذين يتسترون خلف المطالب الحقوقية العامة، ويرون بأن أمثال هؤلاء انتهازيون نفعيون يريدون أن يحققوا مكاسب سياسية لا صلة لها بالمصالح العامة التي يجعلون منها ستراً يخفي أهدافهم العدوانية الحقيقية. إن حالة الوعي المعرفي لا ينبغي أن تقف عند هذا الحد من المعرفة بل لابد من تحديثها ومتابعتها وتحديث وسائل ايصال المعرفة إلى كافة الناس، ولا يجوز خلق الأعذار في هذا المجال ولابد من الإنقاق على الوعي المعرفي ليصل إلى أطراف الأطراف من الخارطة الجغرافية ولابد من ملاحقة خلايا دعاة الفتن وعدم السماح لهم بنشر أفكارهم الضلالية ، لأن ذلك من أقدس الواجبات التي تصون السلم الاجتماعي وتعزز الوحدة الوطنية وتصون الكرامة الإنسانية وتمكن التنمية الشاملة من الوصول إلى كل شبر في الوطن لإيصال خيرات الثورة والوحدة بإذن الله.