يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: “إني لأجد نفَس الرحمن من قبل اليمن” أو كما قال, فما أحوجنا في هذه الظروف لهذا النفَس الروحاني نفَس “الإيمان يمان والحكمة يمانية” ليجرف كل ما ران على قلوبنا من أحقاد وكراهية وأن نضع كل مايفرقنا من حزبية أو مناطقية أو قبلية أو مصلحة أو غيرها تحت أقدامنا ونرفع جميعاً مصلحة اليمن فوق رؤوسنا جميعاً.. فكلنا أخوة مؤمنون يجب أن لانترك الأهواء تعصف بنا وتزل بنا الأقدام. علينا الثبات على المنهج القويم والطريق المستقيم والسير خلف علماء الأمة الناصحين وكل دعوة خير تحرص على الوطن.. جلباً للمصالح ودرءاً للمفاسد وإخماداً للفتن التي اشرأبت أعناقها والشيطان يدفعنا إليها دفعاً. لانحقد على بعضنا لأن الحقد يعمي الأبصار ويصم الآذان.. ولايجعل صاحبه يرى الأمور بحقيقتها.. وهذا الحقد يجر إلى العداوات والنزاعات .. يقول الشاعر: لما عفوت ولم أحقد على أحدٍ أرحت نفسي من همّ العداوات وعن وائل بن حجر رضي الله عنه قال: قلنا يارسول الله: أرأيت إن كان علينا أمراء يمنعوننا حقنا ويسألوننا حقهم؟ فقال: “اسمعوا وأطيعوا، فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ماحملتم”, حديث صحيح رواه مسلم. وعن أنس رضي الله عنه قال: “نهانا كبراؤنا من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم قالوا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لاتسبوا أمراءكم ولاتغشوهم ولاتبغضوهم واتقوا الله واصبروا فإن الأمر قريب”, حديث صحيح رواه ابن أبي عاصم وصححه الألباني. وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال: “بايعنا رسول الله على السمع والطاعة في السر والعلن وعلى النفقة في العسر واليسر والأثرة وأن لاننازع الأمر أهله.. إلا أن نرى كفراً بواحاً عندنا فيه من الله برهان”,حديث صحيح رواه الشيخان. هل نعي هذه الأحاديث جميعاً, هل نعي وصفنا في الكتاب والسنة .. لماذا انقلبت هذه الصفات وأصبحنا أشد قلوباً وأصلب أفئدة على بعضنا البعض .. قال تعالى: {ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم}. يجب أن نراجع إيماننا وأن نفتش عن صفائنا ولا نلوي الأحاديث بما يوافق هوانا ويخدم مصالحنا.. مضعفين كل حديث نسمعه يأمرنا بلزوم الجماعة وعدم شق عصا الجماعة التي تدعونا للسمع والطاعة.. وقد ورد في حديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تكون خلفاء وتكثر) قال: قلنا: فما تأمرنا؟ قال: “اوفوا بيعة الأول فالأول وأدوا الذي لهم فإن الله سائلهم عن الذي عليكم” حديث صحيح رواه الشيخان. إن ربي سائلكم في يومٍ لاينفع الظالمون معذرتهم. إن الحكمة اليمانية قد تجلت في أحد طرفي المعادلة السياسية فمتى ستتجلى في الطرف الآخر الذي نعتبره أقرب وأكثر علماً وإلماماً بهذا الجانب .. وكما قال أبو الدرداء: “ليس الذي يقول الحق ويفعله بأفضل من الذي يسمعه فيقبله”. لتتجلى حكمتكم بأقرب وقت.. قبل أن تتحملوا الوزر كاملاً . والله ولي الهداية والتوفيق.