البعض بات يردد كثيرا هذه الأيام ما سمي بالفزاعات محاولين عبثا إنكار القنابل الموقوتة والبراكين القابلة للانفجار في اللحظة المناسبة إذا توفرت لا سمح الله, وما يبعث على الحزن الشديد هو أن قناة عربية كان لها وزنها وسمعتها ومصداقيتها وقدرتها الفائقة في تغطية الأحداث العربية والإقليمية والدولية والتواجد في مناطق الأحداث الأكثر سخونة في العالم من خلال شبكة مراسليها الواسعة والمنتشرة في أنحاء العالم, انزلقت وللأسف الشديد في مستنقع الإسفاف والتضليل والكذب الإعلامي الممنهج والمتعمد وكأنها إحدى قنوات اللقاء المشترك تمارس الكذب والمماحكة السياسية والمزايدة ونسيت نفسها ودورها وسمعتها ومكانتها كقناة إخبارية عربية ينبغي أن تكون صادقة ومحايدة وموضوعية, ملتزمة بأخلاقايات المهنة وميثاق ومبادىء الشرف الإعلامي. وبقد رما أضرت هذه القناة وأساءت إلى امن واستقرار اليمن ووحدته الوطنية من خلال التحريض على الفتنة وتأجيج الأوضاع وذر الرماد في العيون وخلط الأوراق وتضليل الناس, فإنها أيضا أساءت إلى نفسها إساءة بالغة, حيث فقدت مصداقيتها واحترامها عند ملايين المشاهدين الذين عزفوا عنها وعن برامجها وأخبارها واتجهوا إلى قنوات إخبارية أخرى أكثر مصداقية وموضوعية ورصانة, وبهذا خسرت تلك القناة عشرات الملايين من المشاهدين في اليمن وبقية أقطار الوطن العربي الأمر الذي جعلها قناة لعشاق الكذب وهواة الإثارة الإعلامية وكأنها إحدى الصحف الصفراء المنتشرة في البلدان الأوربية والتي تعتمد أسلوب الإثارة الإعلامية بهدف بيع اكبر عدد من النسخ لتحقيق اكبر قدر من الأرباح على حساب الرصانة والمسؤولية الاجتماعية التي هي عنصر أساسي لوسائل الإعلام بمختلف أنواعها. إن الذين يطلقون مصطلح الفزاعات على بعض الحقائق والظواهر الاجتماعية في بلدنا اليمن محاولين إنكار هذه الحقائق وهم يعلمون ويدركون أنها ليست فزاعات, إلا أن لعبة السياسة باعتبار أنها فن الممكن تجعلهم ينكرون هذه الحقائق معتقدين أنهم يستطيعون حجب الشمس بالغربال وهذا هو الشيء غير الممكن في لعبة السياسية وممارسة فن الممكن, فالجميع يدرك في اليمن أن القاعدة حقيقة واقعة وليست اختراعاً أو فزاعة تستخدمها الحكومة كما يدعي البعض من مراهقي السياسة, كما أن شبح الانفصال أيضا حقيقة واقعة وهدف تسعى بعض القوى الانفصالية لتحقيقه ومن لديه أدنى شك في ذلك عليه مراجعة خطابات على سالم البيض وأحاديث العطاس الذي أكد في آخر مقابلة تلفزيونية أن قضية الجنوب وفك الارتباط ليس لها علاقة برحيل الرئيس علي عبدالله صالح أو بقائه وإنما هي مطلب ثابت لا رجعة عنه مهما كانت الظروف, وكذلك التمرد الحوثي في شمال شمال الوطن أيضا ليس فزاعة وإنما هو حقيقة واقعة وله أجندته الخارجية المعروفة وإلا كيف يفسر لنا من يسمونه فزاعة السبع حروب التي خاضتها القوات المسلحة وفقدت فيها خيرة ضباطها وجنودها البواسل, ولكم أيها القراء الكرام أن تتخيلوا حجم المغالطة والزيف والتضليل المتعمد بهدف جر البلاد إلى الفتنة وسفك دماء الشعب اليمني وتمزيق أوصال الوطن ضمن مخطط خبيث يدركه البعض ويغض طرفه والبعض الآخر لا يدركه وسيقع ضحية التضليل بالمحصلة النهائية. إن مسألة جر البلد إلى الفتنة والحرب الأهلية مسألة في غاية الخطورة وستكون بمثابة الطوفان الذي يغرق الجميع خصوصا انه لا توجد سفينة يمكن الركوب بها والنجاة من الطوفان حيث أن الوطن هو السفينة وهو من سيغرق فكيف تكون النجاة, يا من تبسطون الأمور وتصفون الأخطار المحدقة بالوطن بالفزاعات ويا من تشجعون الناس على الفتنة وتحرضونهم على خوضها وإشعالها بقولكم أنها جهاد بل هي أفضل الجهاد ونحن نعلم جميعا أن الفتنة محرمة على المسلمين لقول الرسول صلى الله عليه وسلم:« الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها» وقوله تعالى: «وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة والفتنة اشد من القتل» وقد اجمع العلماء على حرمة الخروج عن طاعة ولي الأمر تجنبا للفتنة وحقنا لدماء المسلمين, ولا يكون الجهاد إلا في أمور معروفة مثل الجهاد في فلسطين لتحريرها من دنس اليهود والجهاد في العراق لتحريره من دنس الاحتلال الأمريكي والجهاد في أفغانستان لتحريرها من حلف الناتو والجهاد في ليبيا لصد العدوان الصليبي عنها وكذلك جهاد النفس من نزعاتها الشريرة التي تؤدي إلى الفتنة وهذا ما نحتاجه في اليمن.. نحن بحاجة جميعا لمجاهدة أنفسنا بالصبر والثبات وعدم الانزلاق إلى الفتنة والخروج عن طاعة ولي الأمر الذي أمرنا الله بطاعته. (*) باحث بمركز الدراسات والبحوث اليمني [email protected]