لم يعد من المنطق في بلاد العرب والمسلمين أن يحكم حزب أو جماعة، فلقد جرب الوطن العربي حكم الأحزاب، قمع ومصادرة للحرية وتجسس وتخوين وتصفية جسدية في إطار الحزب ذاته، وانتهازية وعنصرية وفئوية وسرقات. لقد ذاعت مقولة في الوطن العربي طبقت فعلياً، وهي أنه لاصوت يعلو فوق صوت الحزب. حكمت الأحزاب شعوبنا العربية والإسلامية بالحديد والنار، والمرجعية الوحيدة بعد النظريات الجامدة والأفكار المتكلسة الرجعية هي المزاج، مزاج هذا المتحزب أو ذاك، فالبلد الذي يحكمه حزب أو تنظيم أو جماعة عاش بلداً مذعوراً خانعاً، منكسراً، ذليلاً، جائعاً، ممتهن الكرامة، مهضوم الحقوق، مصادر الانتماء ، يصبح ويمسي رهن الحزب أو الحاكم بأمره. إن الحزبية والديكتاتورية بشتى صنوفها ومسمياتها ضد الفطرة، لأن الحزبية تصادر حق الاختيار، وتعلي من شأن العبودية، بل إن هذه الحزبية في بلاد المسلمين أشد نكراً وعذاباً، لأن المسلم دعاه الله أن يعبده ولا يشرك به أحدا. لا يغترن أحد فيصادر السلطة لصالحه ، أو يخيل إليه أنه قادر على أن يتجاهل الآخرين ، فلم يعد هذا ممكناً فلقد يعلم الجميع أن لا أحد مستعد لأن يحكم أحد بمفرده، فالحكم هو طبيعة مركوزة في الإنسان، وقضية الانقياد لفئة دون أخرى يتعارض مع الفطرة التي يمكن أن تتنازل نسبياً مع وجود عدم استئثار بالقرار وادعاء العصمة، التي أصبحت - للأسف - شأناً من شؤون الحزبية. في اليمن جربنا حكم الفرد الواحد، وجربنا حكم الحزب الواحد، وجربنا الديمقراطية، فلم يعد لا حكم الحزب ولا حكم الفرد صالحاً وانما الحل الأمثل هو الديمقراطية بشروطها «الصحيحة» دون تزييف أو تضليل، ومع وجود فهم حقيقي ووعي شعبي عام لمعنى الديمقراطية السليمة التي يعرفها من وضعها، ولامانع أن تخضع بعض مفهوماتها لخصوصياتنا العربية والإسلامية، فلايمكن لديمقراطية تجاهل شريعتنا وأخلاقنا. الإقصاء والإلغاء أصبح غير مقبول، لأنه لا أحد أحسن من أحد، ولايدعي العصمة بعد النبوة الا جاهل بقوانين الحياة والإسلام .. وللأخوة الأشقاء الأعزاء الطيبين المتحزبين لقد جربناكم، شكر الله سعيكم.