الأخوة رؤساء الأحزاب في عموم الوطن العربي المحترمون تحية طيبة ..وبعد فأنتم تعرفون قبل غيركم أن الفكرة الحزبية تقوم أساساً على التغيير، لأن التغيير سنة كونية, تتفق مع الفطرة ومع طبيعة الحياة, وبما أن الدنيا تغيرت وأن القرن الحادي والعشرين قد أصبح سلفاً لأخيه القرن العشرين, ومعنى هذا أن لهذا القرن الجديد منطقه وأن هذا المنطق أصبح جديداً ومفاده أن من الضروري التفكير بشكل جديد في موضوع جديد, اتساقاً مع حركة الزمن ومستجدات العصر.. إن الصراع بين القديم والجديد فطرة الطبيعة, ونعني بالصراع هنا التغيير استجابة مع متغيرات الجنس والبيئة والزمان ,وهو هنا مانادى به الوضعيون نهاية القرن التاسع عشر .. حتى أن الديانات السماوية كانت بمثابة شواهد على مراعاة التغيير, لأن الجنس البشري هو الكائن الذي افترضته الطبيعة مستجيباً للتغيير والتجدد، عدا أن الإسلام سبق الأديان كلها، لأنه راعى الفطرة واستمرار تجددها وتفاعلها في كل مناحي الحياة. ولقد ضرب الله مثلاً في أهل الكهف الذين داهمهم الزمن وتحسبهم ايقاظاً وهم رقود ومن نظري أن مفهوم «وتحسبهم أيقاظاً وهم رقود» ينطبق على البشر الذين لايستجيبون لتجدد الحياة .. كأن القرآن يحفز المسلم أن يصحو، وكثير من الناس يسيرون وهم رقود ولايشعرون بما يحدث في الخارج، أعني خارج ذواتهم. الأحزاب مجموعة من الأفكار، اخترعها أصحابها لمواجهة حياة قاسية ينبغي أن تسخر للإنسان.. رأى هذا المتحزب أن قوانين الحياة ربما تسير على نحو أفضل إن هو فكر على هذا النحو، غير أنه بدأ يتعبد بفكرته الحزبية وينظر إليها على نحو من قداسة وبالتالي بدأ يعبدها ويحارب - بعنف ثوري - من خرج عليها.. في نهاية القرن الماضي وصل كثير من المتحزبين إلى قناعة وهي ضرورة التخلي عن القداسة والجمود، فكان التغيير، فهوت أصنام كثيرة.