سعى المثقفون والعلماء التنويريون إلى استئناف مسيرة إنجاز (أدب الاختلاف).. والمناقشات التي تديرها مقايل المجتمع اليمني يكاد يغيب فيها هذا الأدب وهذا السلوك، فهناك العقلية الحزبية التي تنطلق في نقاشها من أن الحزب هو الدين وأن نقداً لهذا الحزب أو ذاك إنما هو نقد لهذا الدين.. كما ترى هذه العقليات الحزبية أن قادتها الحزبيين إنما هم معصومون لايجوز في حقهم (الجرح والتعديل) ومن هنا تقوم الذهن الحزبي ب (برمجة) الآخر على أنه عدو ينبغي الخلاص منه لأنه مضل مبين كافر بالأسس العقائدية ومن هنا تبدو الفتنة شاخصة بنواجذها. كان علينا وخاصة هذا الجيل الذي يجهل كثيراً من حقائق التاريخ القريب والبعيد، كان علينا أن ننقل لهم بعض نماذج السلف الذين قالوا «رأيي قد يحتمل الخطأ ورأيك قد يحتمل الصواب» وكل قول قد يكون مردوداً على صاحبه إلا ما صح عن رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام. لقد أصبح كل ذي رأي مستغنياً برأيه وإصراراً عليه والدفاع عن وجهة النظر كما لو كان دفاعاً عن العقيدة والكرامة والنفس.. قلت كان على منهج التربية والتعليم أن تسطر في كتبها نماذج عليا ومشرفة من القبول لوجهة النظر كي نستطيع أن نصمت عندما يتكلم الطرف الآخر ولانعتدي عليه بالمقاطعة والتسفيه والتحقير.