بهامة شامخة شموخ الجبال اليمنية العالية أشرقت صورة فخامة رئيس الجمهورية علي عبدالله صالح عبر القنوات الفضائية اليمنية مستقبلاً بالحب والوفاء وبحنان الأب والقائد أبناءه وإخوانه من الجالية اليمنية بمقر إقامته بالرياض عاصمة الجارة المملكة العربية السعودية. استقبلهم بابتسامته الصادقة التي حملت كل معاني التقدير والاحترام والامتنان، على الرغم مما يختلج بنفسه من شوق وما يخفي تحت ضلوعه من حنين للوطن الغالي وما يعتصر فؤاده من ألم وحزن لما آلت إليه يمن الإيمان والحكمة من خراب ودمار، وقد بدا ذلك واضحاً أثناء حديثه مع أبناء الجالية اليمنية في أرض المهجر الذين جاءوا يهنئونه بالعيد، الحديث حمل بين طياته حسرة وأسى على الوطن ليس حباً بالسلطة ولا تمسكاً بها ولكن خوفاً على اليمن وشعبه العظيم الذي كان ولا يزال مخلصاً له يبادله الحب والوفاء، لاسيما وهو يرى رموز الفساد الذين شكلوا عبئاً ثقيلاً على كاهل الوطن، ووصمة عار في جبين عهده الزاهر وصفحةً سوداء في تاريخ حكمه المشرق وهم يتساقطون كأوراق الخريف، ظناً منهم أن سرقة أمل وطموحات الشباب والالتفاف عليهم والاستحواذ على جهودهم ستنجيهم من الحساب والعقاب المنتظر. هؤلاء هم من يجب أن يُعاقبوا أولاً ويُحاسبوا لأنهم غارقون حتى الثمالة في جرائم الفساد والنهب والسطو على ممتلكات الآخرين.. هؤلاء هم من رقصوا طرباً ونحروا وقدحوا النيران على أشلاء الشهداء والجرحى عقب حادث النهدين على رجال الدولة وهم من أفزعهم لطف المولى بالرئيس وتماثله للشفاء، وغشاهم الهلع الأكبر وأصابهم الذعر عندما اقترب موعد عودة الرئيس إلى أرض الوطن فهرعوا يتخبطون في تصرفاتهم وتصريحاتهم كمن أصابه مس من الشيطان يصعدون للأزمة يدفعون بالشباب إلى المحرقة والهلاك من أجل أن يجلسوا على كرسي السلطة. هؤلاء من قال عنهم الرئيس: يجب أن يرحلوا فقد فضحهم التأريخ والأحداث فلم يعد هناك شيئ يمكن أن يختفي في عصر الصحافة الحرة والفضاء المفتوح فقد أصبح كل شيء أمام الشعب والعالم، وربما هذا هو سبب انعقاد المؤتمر العام للقبائل في اليمن منتصف الشهر الماضي والذي مثل انعقاده في هذه الفترة العصيبة التي تمر بها البلاد ضرورة حتمية تفرضها العقلية الناضجة والضمائر اليقظة والعاطفة الصادقة التي تعمقت في وجدان مشايخ وقبائل وأعيان وأفراد الشعب اليمني الوفي العظيم، وترجمتها على ارض الواقع الفعلي تلك السمات النبيلة من خلال البنود والنقاط التي تمخضت عن مؤتمرهم وصيغت بأسلوب حضاري في قالب وطني راقٍ تبلور في وثيقة المبادىء الوطنية والأعراف القبلية والاصطفاف الوطني الشعبي الشامل لأبناء قبائل اليمن للحفاظ على سلامة الوطن وأمنه ووحدته أرضاً وإنساناً والذود عن مكتسباته الديمقراطية والشرعية الدستورية والوقوف إلى جوار الجيش والأمن والمؤسسات الشرعية والتشريعات الدستورية في تطبيق النظام وسيادة القانون والتصدي لعناصر التخريب والإرهاب وقطاع الطرق ومخربي المؤسسات الخدمية العامة التي تمس حياة المواطن مباشرةً والوزارات والمباني والمنشآت والمرافق الحكومية، وحماية المواطنين من التعرض للعقاب الجماعي كما هو حاصل في انقطاع التيار الكهربائي واختفاء المشتقات النفطية. نعم اليمن لا تحتمل المزيد من التصعيد الذي تسعى إليه أحزاب المشترك هذه الأيام لتأزيم الأوضاع أكثر فأكثر وقطع الطريق أمام أي مبادرة من شأنها تجنيب البلاد الحرب الأهلية التي إن حدثت لا قدر الله ستحرق الأخضر واليابس ولن ينج منها أحد حتى وإن توهم مشعلوها أنهم بمنأى عنها، بل إنهم أول من ستلتهمهم نارها الموقدة إن كانوا يفقهون القول. إن أسلوب استعراض العضلات واللجوء إلى وسائل العنف والفوضى أصبح غير مجدٍ والغطرسة والغرور والعناد هو من أوصلنا وبلادنا إلى هذا الحال المؤسف، لكننا ما نزال نناشد العقلاء والنبلاء والخيرين والوطنيين في جميع الأطياف السياسية والحزبية وغير الحزبية من أبناء هذا الوطن الغالي لاسيما الفئة الصامتة التي يراهن عليها الجميع أن يضموا أصواتهم إلى صوت العقل والضمير والحكمة التي تدعو وتناشد فرقاء العمل السياسي للجلوس إلى طاولة الحوار والاحتكام لصناديق الاقتراع، ففخامة رئيس الجمهورية لا يزال يدعو إلى الحوار وقد أبدى استعداده للتنازل عن الفترة المتبقية من رئاسته واستعداده للدعوة إلى انتخابات رئاسية مبكرة.. فلماذا هذا التصعيد يا مشترك ؟! وما حاجتنا به؟! اتقوا الله في شبابنا ولا تسوقونهم إلى محرقة الموت.. عودوا إلى رشدكم قبل أن يسبق السيف العذل وتصبحوا على ما فعلتم نادمين.