إذا كان التعصب الأعمى مرفوضاً بالإجماع فلماذا نجد البعض يصر على ممارسته ويخرج على إجماع الكافة؟ ألا يدل ذلك على التنشئة القائمة على التعبئة العدوانية الرافضة لقبول الآخر أو الاعتراف به ناهيك عن الرفض المطلق للتعايش معه؟. إن الإصرار على التعبئة الحزبية أو المذهبية المتطرفة أو المناطقية أو الفردية أو القبلية دليل على الفكر المتحجر الذي يلغي العقل ويجمد الحياة ويمنع التطور وهو مخالف لأمر الله سبحانه وتعالى الذي أمر بالتأمل والتفكر، لأن ديننا الإسلامي الحنيف أعطى العقل مكانة ومساحة غير عادية ومكن العقول من التعامل مع الآخر والشرط أو القيد الذهبي الوحيد هو عدم تجاوز الحدود الشرعية وما دون ذلك متاح للعقل الإنساني ينطلق من جوهر الإسلام الحنيف صوب الحياة والتعايش مع الآخر. إن الحديث هنا عن الآخر ليس العالم الآخر الذي يختلف معك في الدين والعقيدة والعادات والتقاليد وإنما الآخر في إطار التعدد الحزبي المتاح والغريب الذي نلمسه لدى بعض القوى السياسية أنها تتحدث عن التعايش مع الآخر البعيد وترفض التعايش مع الآخر القريب وهذا السلوك سيولد ردة فعل داخلية وخارجية ضد الرفض للتعايش لأن مفهوم التعايش يحتم على المجتمع الواحد التعايش الكلي بين مكوناته وهو شرط أساس ليكون مقبولاً في التعايش مع المجتمعات الأخرى. أن المجتمع اليمني في حالة تعايش أزلية ولم يحدث تنافر يؤثر على الاندماج السياسي مطلقاً ولذلك فإني أرجع السبب في ظهور التنافر الذي يطفو على السطح إلى عدم الفهم أن الحزبية برامجية وان الناس يتنافسون على تقديم البرامج الأكثر قبولاً لدى الهيئة الناخبة وقد فهم البعض داخل الكيانات الحزبية أن التعددية الحزبية والسياسية على أنها عقائدية ولذلك لجأ على أسلوب التعبئة ضد الآخر ورفض التعايش معه أو لذلك فإننا في أمس الحاجة إلى أن تعيد الأحزاب النظر في أسلوب التنشئة وتعلن رفضها للتعصب الحزبي الأعمى وتزيل من سياسياتها وخطابها كل ما يؤدي إلى التعصب وهذا هو الأسلوب الوحيد الذي يؤدي إلى إزالة آثار التعصب الأعمى بإذن الله.