سوف أبدأ حديثي هذا بكلمات لسيد قطب حيث قال:“إن القانون لا تحرسه نصوصه ولا يحميه حُراسه، إنما تحرسه القلوب التقية التي تستقر تقوى الله فيها وخشيته، فتحرس هي القانون وتحميه وما من قانون يمكن حمايته أن يحتال الناس عليه! ما من قانون تحرسه القوة المادية والحراسة الظاهرية! ولن تستطيع الدولة كائناً ما كان الإرهاب فيها أن تضع على رأس كل فرد حارساً يلاحقه لتنفيذ القانون وصيانته، مالم تكن خشية الله في قلوب الناس، ومراقبتهم له في السر والعلن من أجل ذلك تفشل الأنظمة والأوضاع التي لا تقوم على حراسة القلوب التقية وتفشل النظريات والمذاهب التي يضعها البشر للبشر ولا سلطان فيها من الله”. ما أريد قوله هنا من هو أهم القانون أم المبادئ الأخلاقية والتقاليد؟أم إنهم يسيرون في نفس الاتجاه؟ومن الذي يسير الآخر القانون أم الأخلاق؟وهل يتم تطبيق القانون أولاً على حساب كثير من المبادئ والقيم الأخلاقية والسير وراء الأخلاق والعادات والتقاليد التي تربينا عليها أم العكس ؟!. من الواضح إن القانون والمبادئ الأخلاقية ترتبط فيما بينها بعلاقة وطيدة جداً لأن الأخلاق هي الضمانة الوحيدة التي تضمن تنفيذ القانون بطريقة صحيحة ومن غير بلطجة أو تلاعب في نصوصه، بل تعتبر معياراً لمدى استقامة القانون، فالقانون يعتمد اعتماداً تاماً على الوجدان الأخلاقي والضمير الحي والنفوس النقية لتطبيق قوانينه بطريقة صحيحة، فالقانون هو فقط المنظم لكل المبادئ والقيم السامية والأخلاقية. إن حدوث الخلل وعدم التوازن في سلوك الأفراد أمر خطير يهدد الأمن والحياة وسيحدث خللاً في إقامة الحدود الشرعية وتطبيق القانون بين الناس ويشجع البشر على الفساد وارتكاب الجرائم. إن كلاً من القانون والقيم الأخلاقية يسعيان إلى تهذيب وتحسين سلوك الأفراد في المجتمع وحماية حرمة الحياة الخاصة للفرد طالما أنها لا تتعارض أو تؤثر على حياة الآخرين وكل القواعد القانونية هي في الوقت نفسه أسس ومبادئ أخلاقية تمنع الكثير من الأفراد من ارتكاب الجرائم ومراقبة الخالق عز وجل في تصرفاتهم وتمنع تفشي الرشوة والكذب والاعتداء على حقوق الآخرين واحترام سيادة القانون لكي نعيش في مجتمع مثالي خالٍ من الجرائم التي تنبع من جهل الناس بالمبادئ الأخلاقية التي حثنا عليها ديننا الحنيف، كتلك التي تمنع الاعتداء على جسم الغير أو حقه واحترام العقود وكلما ارتقى الإنسان كلما ضاقت الفجوة بين الأسس الأخلاقية والقانونية، بل تتحول كافة القواعد الأخلاقية إلى قواعد قانونية. ولكي يتم كل هذا فمن الضروري أولاً وضع مناهج تثقيف لطلابنا بداية من المدرسة وتعريفهم بمفاهيم حقوق الإنسان وإدراج عدد من القيم في المناهج الدراسية مثل المسؤولية ، التسامح، السلام، الحوار، الإقناع ،الشورى والعدالة واحترام النظام والابتعاد عن العنف واحترام القانون والدستور في كل حالاته التشريعية والتنفيذية والقضائية وبهذه الطريقة سوف تتعزز المفاهيم المرتبطة بالديمقراطية والحرية وسيادة القانون وتكون جزءاً من صقل شخصية الشباب الوطنية المتمسكة بقيم ومبادئ ديننا وأخلاقنا وعادتنا وتقاليدنا وهي بذلك تستطيع أن تكون جهة مشاركة وبفعالية في تعزيز المواطنة الصالحة لشبابنا بشكل خاص وبالتالي إنجاح أية حملة وطنية هادفة.