يبدو أن صناعة المجد لايدركها الذين في قلوبهم مرض والذين سيطر عليهم الحقد والوهم والخيلاء والكبر والإثم, ولايدرك صناعة المجد إلا من نذر نفسه لحب الخير للناس كافة, وتجاوز مصالحه الذاتية ونبذ الفرقة وألف المحبة والتسامح والتصالح, وربى نفسه على هذا السلوك القويم والحميد الذي يستطيع من خلاله إعطاء النموذج الذي يحتذى به, ولذلك فإن صناعة المجد عصية على أصحاب المنافع الخاصة والنزعات الذاتية, وذوي الأحقاد, بل إن أمثال هؤلاء تتاح لهم الفرصة لصناعة المجد, ولكنهم بحقدهم وكرههم للحياة والإنسانية يرفضون هذه الوصفة ويصرون على التمترس خلف الأحقاد. إن التمترس خلف الأوهام والأحقاد لن يخلّف إلا الأحقاد ولن يزرع إلا الحقد والكراهية, ولن يؤدي إلا إلى الفشل الذريع, وقد برهنت الأزمة السياسية في اليمن على ذلك كله, فالذين نذروا حياتهم من أجل الشعب ومصالحه العليا حفروا لأنفسهم مكانة في قلوب الملايين من الجماهير التي تهتف بحياتهم وتجل مواقفهم وتعظم صدقهم ووفاءهم للدين والوطن والإنسانية, ولذلك تجدهم في كل شبر من أرض الوطن بحضور يغيظ الفاشلين ويقهر الحاقدين, وبدلاً من أن يتعلم أولئك من تجارب الحياة تجدهم يكرسون الجهل والظلام ويزرعون الحقد والكراهية ويؤصلون للبغض والعنف. لقد سرني التعرف على الكثيرين من الذين كنا نراهن على حكمتهم وقوة إيمانهم بالله رب العالمين وصبرهم على المكاره, وكان لي شرف التعرف على تلك الشخصيات التي حملت في قلبها الحب والتسامح والتصالح وغلبت المصالح العليا للبلاد والعباد, وهذه السانحة جعلتني أمضي قدماً في رهاني من أجل الوطن على أولئك الشرفاء والنبلاء, وجعلتني أعيد التأكيد أن اليمن بلد محمية برعاية الله وأن الله سبحانه وتعالى قد حباها بالتميز والتفرد في الفعل الإنساني الذي يرسي تقاليد حضارية ودينية وإنسانية بالغة الأهمية. إن الاعتماد في التفكير على المنهج الإلهي يقود إلى الخير ويوصل إلى الحياة الآمنة والمستقرة والموحدة, ولذلك أدعو أولئك الذين اعتمدوا في تفكيرهم على منهج الشيطان الذين زين لهم مصالحهم الذاتية ومسح من أفكارهم المصالح العليا للبلاد أن يراجعوا أنفسهم ويتخلصوا من الانحراف في التفكير, ويكفي كبراً وعنهجية وهوى شيطانياً, لأن اليمن بلد الإيمان ولايتحقق فيها إلا ماهو خير للإنسانية جمعاء فكفوا الأذى عن الناس وعدلوا خطابكم واجعلوا اليمن أولاً لتروا نور الحياة السعيدة ويحترمكم الناس وتحققوا الرضا والقبول بإذن الله.