لمن الأولوية ؟ يحتدم الجدل في الشارع الشعبي والسياسي على حدٍ سواء عن هاتين القاعدتين الهامتين للبناء الوطني في أول مداميك التغيير الحقيقي في أولى خطوات الدولة المدنية كما في الوعي الجمعي لليمنيين . أي هاتين القاعدتين أولى بالبدء – الحوار أم الهيكلة ؟ القاعدتان على درجة من الأهمية بحيث لن يرتفع صرح البناء الوطني الشامل الراسخ إلا بإنجازهما والبناء عليهما وبدون ذلك فإن بنية الوطن – الدولة - بكل ما تعنيه هاتان المفردتان من استشراف لآتٍ عظيم يليق بعظم الآمال والتضحيات تكون هشة وسهلة الاختراق قابلة للكسر والاقتلاع أمام أدنى الأعاصير ولكي نحدد بدقة لمن تكون الأولوية في هاتين المتلازمتين يجب أن نسأل أنفسنا بعمق هذا السؤال. هل الهيكلة تمهد طريقاً للحوار الوطني وتحمي فكرة الحوار من أي عاصفة تتربص بالحوار و بالوطن أم العكس ؟ أم هل الحوار الوطني سيرسم طريقاً لإعادة هيكلة قوات الجيش والأمن وأيهما يتحقق بتحقق الآخر ؟ لا ريب إن إعادة الهيكلة للقوات المسلحة والأمن وإعادة بنائها بناءًً وطنياً خالصاً لا عائلية فيه ولا مناطقية ولا حزبية بل الشعور بالانتماء المقدس للوطن والكفاءة الكفاءة الكفاءة هي الطريق الآمن للوصول إلى حوار وطني جاد يحضره جميع فرقاء الوطن وشركاء التغيير الفاعل لينخرط الجميع في حراك سياسي خلاق ينسج خريطة القادم اليمني بأفكار وإبداعات جميع اليمنيين، فالهيكلة إذاً هي المهمة الأُولى والأَولى للوصول إلى محطة الحوار الوطني وتجذ ير مخرجاته ممارسة وسلوكاً في حياة اليمنيين . إذ من الصعوبة تدشين أي حوار يلتقي على مائدته كل اليمنيين قبل نزع النتوءات وردم الفجوات التي تركها انقسام الجيش والأمن وتحييده عن مهامه الدستورية في حماية الوطن والمواطن إلى حماية مواقع وأشخاص ومصالح متعارضة كلية مع المصلحة الوطنية . لا يمكن أن تلتقي كل الأطراف على مائدة الحوار في ظل مناخ من الخوف والشك وعدم الثقة في واقع أمني عسكري يوجه فوهات البنادق إلى صدره – صدر الوطن- وفي مثل هذا الواقع الفرص الأسنح للإرهاب بمسمياته المختلفة - للنزعات المتطرفة المختلفة - التي لا تنتمي للوطن لأن تملك زمام المبادرة – وتمضي في المزيد من الهدم في المزيد من الزحف على كل وميض أملٍ فتدخل سائر مكونات هذا الوطن مهرولة إلى جحور الخوف واليأس وقد ينحدر بعضها إلى براثن الارتهان. حينها لا يكون للحوار معنى فظروفه غير مواتية وشروطه منعدمة في ظل هذه الحالة من المواجهة السافرة بين من يفترض أن يكونوا عين الوطن وضميره ويده وفعله الخلاق . على العكس من ذلك إذا تمت الهيكلة وسرت الدماء الشابة الكفوءة في جسد جيش الوطن وأمنه وحلق في مدارات الذود الحميم الخلاق عن حياض الوطن. ستلتقي على مائدة الحوار كل الأطراف وستركن إلى نتائجه وتبعث في مجرياته الروح وفي مخرجاته الحياة لوطن أراد الحياة ولابد أن يستجيب لإرادته القدر.