ضعف المشاركة يمكن القول بأن نظام الحكم الحالي يعني من ضعف المشاركة السياسية. فعلى الرغم من سن دستور دائم للبلاد والسماح بالتعددية السياسية و ممارسة الانتخابات العامة والسماح بحرية الصحافة الا ان نظام الحكم على ارض الواقع ظل يدار من قبل نخبة سياسية محدودة جدا. و يرجع ذلك الى عدد من الاسباب. لعل من اهمها المركزية الشديدة عدم وجود فصل كامل بين السلطات و عدم توازن الصلاحيات مع المسئوليات مما صعب من عملية الشفافية والمحاسبة. فالسطات المركزية تحتكر جميع مفاصل السلطة والثروة تقريبا،و لقد ترتب على ذلك عزوف المحليات عن المشاركة في الفعاليات السياسية المختلفة وعلى رأسها الاحزاب السياسية و الانتخابات، واذا ما تمت المشاركة في بعضها فانه يتم من خلال عدم الاكتراث. ولقد ترتب على هذا الشعور ظهور حركات تمرد تحت مسميات كثيرة ولعل من اهمها الحراك الجنوبي وحركة الحوثي،وفي حقيقة الامر هناك حركات أخرى على مستوى المحافظات بدافع مناطقي وفئوي.. أما فيما يخص عدم الفصل الكامل بين السلطات فان الدستور الحالي والواقع العملي قد كرس هيمنة السلطة التنفيذية على السلطتين التشريعية والقضائية، فسلطات رئيس الجمهورية التشريعية و القضائية والتنفيذية واسعة جدا الى درجة ان الدستور توسع في اعطاء كل الصلاحيات الحقيقة لرئيس الجمهورية ولم يكتف بذلك بل ان اضافة مادة غريبة وعجيبة تنص على ان لرئيس الجمهورية أي صلاحيات اخرى لم يتم النص عليها في الدستور، وفي واقع الامر فان رئيس الجمهورية يمارس كل الصلاحيات الاساسية وغير الاساسية على ارض الواقع. وقد ترتب على ذلك ان عانى مجلس النواب من مظاهر العجز و القصور الشديد. و يظهر ذلك جليا من خلال ملاحظة حجم القوانين والتشريعات التي ناقشها المجلس و اقرها منذ أول مجلس منتخب و حتى اليوم. صحيح ان هناك عددا ً كبيراً منها لكن تأثيرها على الواقع الاقتصادي و الاجتماعي و السياسي محدود للغاية. أما فيما يخص الدور الرقابي الذي يلعبه المجلس على الجهاز التنفيذي، فانه يمكن القول بان المجلس لا يقوم بذلك بشكل مقبول. فمن الواضح ان المجلس قد شكل العديد من اللجان للتحقيق في العديد من الموضوعات. ومن الواضح كذلك بان هذه اللجان قد أعدت العديد من التقارير، ومن الواضح ان مناقشة المجلس لهذه التقارير لم كانت قوية وشفافة. و قد ترتب على ذلك ان جاءت التوصيات التي تصدر عنه أما عامة او ضعيفة او غير عملية. السطلة القضائية تخضع بالكامل للسطلة التنفيذية (رئيس الجمهورية) فهو الذي يعينها و هو الذي يقيلها وهو الذي يمولها. وعلى هذا الاساس فانها لا تمارس أي دور بخصوص التنازعات التي تحدث فيما بين السلطة التنفيذية و السلطة التشريعية، وبمعنى اعم فانه لا تتدخل في القضايا السياسية واذا ما تدخلت فانه تتحيز لصالح الحزب الحاكم. هذا من ناحية ومن ناحية اخرى فان هناك ازدواجية بين وظيفة الدولة في اليمن ووظيفة القبيلة، ولا شك ان ذلك قد انعكس سلبا على عمل مؤسسات الدولة الحديثة التي تقوم على أساس المواطنة المتساوية والتعاون بين أصحاب المهن و بين المستفيدين من الخدمات العامة و اللجوء الى مؤسسات الدولة المختصة لتوفير الأمن و تطبيق العدالة وغيرها من المؤسسات الاخرى. ولا شك ان كل ذلك قد اثر سلبا على اطلاق عملية التنمية المستدامة، وعلى وجه التحديد فان ذلك قد اثر سلبا على امكانية تكوين رأي و ارادة جمعية بخصوص توفير البيئة المناسبة لعملية كهذه. ضعف الفعالية لقد نتج ضعف الفعالية من عدم وجود تحديد دقيق لوظائف الدولة في اليمن. فالدستور الحالي والقوانين التي انبثقت عنه لم تحدد وبشكل واضح وظائف الدولة الاساسية وعلى وجه التحديد وظيفتها الاقتصادية، فعلى الرغم من إعلان اليمن بأنها تتبع النظام الرأسمالي أي الاقتصاد الحر أي اقتصاد السوق فان الوظيفة الاقتصادية للدولة في الوقت الحاضر لا يتفق مع ذلك تماماً،وقد ترتب على ذلك وجود العديد من جوانب القصور في قيام الدولة بوظائفها الاقتصادية. هذا من ناحية ومن ناحية اخرى فانه لا يوجد توصيف ولا توازن للاختصاصات والمهام والصلاحيات في اطار السلطة التنفيذية،فرئيس الجمهورية الذي هو رئيس السلطة التنفيذية يحتكر كل الصلاحيات ولكن بدون مسئوليات، في حين ان مجلس الوزراء يتحمل كامل المسئوليات ولكن بدون صلاحيات. ولقد ترتب على ذلك ان عانت السلطة التنفيذية في اليمن من جوانب قصور متعددة. ما من شك أن لمؤسسة الرئاسة دورا بارزا في القرار السياسي في اليمن، فالدستور اليمني قد أعطى لها صلاحيات واسعة، ونتيجة للخلفية التاريخية فان رئيس الدولة يمارس دورا سياسيا يفوق حتى ذلك الدور الذي حدده له الدستور، ولذلك فانه لا يستطيع ان يقوم بواجباته على الوجه المطلوب. وفي إطار مجلس الوزراء فان الواجبات و الصلاحيات بين المجلس ورئيسه و الوزراء غير متوازنة لصالح رئيس المجلس، ولا يختلف الامر فيما يخص العلاقة بين الوزير والقطاعات و المؤسسات التابعة له، فلا يوجد توازن بين الواجبات والصلاحيات لصالح الوزير. ولقد ترتب على ذلك عجز الحكومة عن القيام بواجباتها الدستورية على أكمل وجه. و في هذا الإطار فانه لا بد من تحديد واجبات مجلس الوزراء و علاقته بالوزارات و الجهات التابعة له. فمجلس الوزراء لا ينبغي ان يمارس بعض اختصاصات الوزارات والجهات. ولقد ترتب على ذلك عدم قدرة مؤسسات الدولة بشكل عام ومؤسسات الدولة التنفيذية بشكل خاص بالقيام باي دور ايجابي في قيادة اطلاق عملية التنمية المستدامة أو في ادارتها. غياب العدالة المقصود بغياب العدالة في هذا الاطار هو غيابها بمعناها الواسع. و قد ترتب على ذلك غياب مفهوم المواطنة المتساوية فلا يوجد تكافؤ في الفرص و لا معايير موضوعية للتمييز. وربما يرجع ذلك الى عدد من الاسباب و لعل من اهمها. هو عدم التتمتع بالاستقلال و لا بالاحترام من قبل غالية المواطنين. و لذلك فإنها غير قارة على ممارسة دورها في تحقيق العدالة بين المواطنين ناهيك عن قدرتها على ممارسة هذا الدور بين المواطنين والسلطات السياسة او بين السلطات السياسة ذاتها..وربما يرجع ذلك الى ضعف واضح في مؤسسات المجتمع المدني في اليمن بأن لا توجد أي ضغوط على الحكومة لتبني قدر اكبر من الشفافية و اللامركزية، ولا يمكن في الوقت الحاضر ممارسة القدر الكافي من المساءلة للحكومة وفي الحدود التي يسمح بها الدستور و القانون.. ولقد ترتب على ذلك انتشار واسع لممارسات الفساد الذي اثر على كل من الاقتصاد و السياسية والحياة الاجتماعية، يقصد بالفساد هنا اعطاء من لا يستحق ما لا يستحق والعكس، و بذلك فانه يشمل الفساد الاداري و المالي والسياسي و اجتماعي، فالفساد الاداري هو أسناد الامر إلى غير اهله مما ترتب عليه استغلال الوظيفة العامة لتحقيق المصالح الخاصة غير المشروعة و الاهمال و الفشل بالقيام بما يجب عليه القيام به من واجبات، اما الفساد المالي فيعني الحصول على المال العام خارق القانون و تخصيص المال العام بدون الحصول على تفويض من الشعب، اما الفساد السياسي فيتمثل بانعدام الشفافية و المساءلة، في حين يتمثل الفساد الاجتماعي في التهرب من الواجبات الاجتماعية. ان هذه الممارسات لم تكن عابرة و انما كانت ظاهرة بارزة. و يتضح ذلك من خلال استعراض أهم المحطات التاريخية للاقتصاد اليمني و الكيفية التي تفاعل بها مع مكونات النظام السياسي في اليمن، فقبل الوحدة كان اقتصاد المحافظات الشمالية يعاني من عدم الاستغلال الامثل للموارد و من سوء عملية التوزيع. ومن الواضح انه قد ترتب على ذلك غياب المناخ المناسب لإطلاق عملية التنمية المستدامة. ففي ظل غياب الحرية الاقتصادية فانه لا يمكن ضمان تحقق المنافسة العادلة التي تفيد جميع الأطراف، ففي حالات معينة يكون الوضع الاحتكاري هو الوضع الطبيعي مثل إنتاج الكهرباء أو تقديم خدمات التلفون الأرضية. و في هذه الحالة فان المستهلكين قد يخضعون لابتزاز المنتجين فيفرضون عليهم أسعارا كبيرة غير مبررة،وكذلك في حال العلاقة بين بعض العمال و رجال الأعمال و بين المستأجرين و المؤجرين وغير ذلك من الأمثلة التي لا تكون فيها القوة التفاوضية للطرفين متساوية. في حالات كثيرة يكون من الممكن ممارسة الغش إما من قبل البائعين و إما من قبل المشترين.. فعلى سبيل المثال في حال الخدمات الطبية لا يكون لدى المستفيدين منها معلومات كافية عنها الأمر الذي قد يعرضهم للغش و الخداع من قبل الممارسين لهذه الخدمات، فقد يتم التوصية بإجراء عملية في حين انه لا حاجة لها أو القيام بفحوصات لا ضرورة لها أو ارتكاب أخطاء دون أن يدركها المستفيد. الابعاد الاجتماعية ومن الواضح ان المجتمع اليمني في الماضي قد عانى من العديد من التشوهات و الاختلالات التي اعاقت اطلاق عملية التنمية المستدامة. على الرغم من اليمن مجتمعا و دولة له من العمر ما يزيد عن عشرة قرون الا ان نسيجه الاجتماعي يعاني من عدد من الثقوب. فمنذ القدم عرفت منطقة جنوب الجزيرة العربية باليمن. و من الناحية السياسية كان مساحة هذه المنطقة تتوسع قليلا وتنكمش قليلا الا ان ما يعرف اليوم باليمن ظل متماسكا تحت اسم اليمن.. و بذلك فان اليمن قد مثل هوية تاريخية الى جانب الهوية الجغرافية و الاجتماعية و الثقافية، ومما يدل على قوة هذه الهوية هو استمرارها خلال الفترات التاريخية وصمودها امام العديد من التحديات الداخلية و الخارجية. وعلى هذا الاساس فان الهوية اليمنية لا يمكن ان تتزعزع تحت أي ظرف من الظروف و لكن ذلك لا يعني انها محصنة من الخروق و الخدوش، ومن يستعرض التاريخ اليمني سيرى هذه الحقيقة بوضوح. ويمكن القول بان اليمن في الوقت الحالي يعاني فعلا من بعض هذه الخروق و الخدوش والتي وبدون شك قد اثرت سلبا على قدرته في اطلاق عملية تنمية مستدامة. و من هذه الخروق و الخدوش ما يلي. القبلية لا زال اليمن يعاني من الاثار السلبية لظاهرة القبيلة. فالقبيلة في اليمن لم تكن نتاجا طبيعيا للتطور الاجتماعي و انما كانت نتيجة للتدخل الخارجي. فمنذ القدم تمكن اليمن من تجاوز القبيلة الى الدولة. اذ انه يمكن القول بان الدولة اليمنية كما تشهد بذلك النقوش التاريخية تعد اقدم دولة على وجه البسيطة،وعلى هذا الاساس فان اسس القبيلة الموضوعية في اليمن قد تلاشت منذ زمن بعيد. والدليل على ذلك ان القبيلة في اليمن لا تقوم على اساس عريق اذ ان اليمنين يعتقدون انهم ينتمون الى عرقية واحدة، و كذلك فان القبلية لا تعتمد على تعدد اللغات بل و لا حتى لا تعدد اللهجات فاليمنيون يتكلمون بلغة واحدة و لهجة متقاربة، والقبلية في اليمن ايضا لا تقوم على اساس جغرافي اذ ان هناك تداخلاً بين القبائل على مستوى كل التكوينات الجغرافية، اذن فالقبيلة في اليمن تقوم على اسس سياسية فقط. أي انها تقوم على اساس محاولة كل مجموعة التغلب سياسيا على المجموعات الاخرى.. وما يشهده اليمن من انتعاش لظاهرة القبيلة انما يعود الى خضوع اليمن للاستعمار الخارجي و المتمثل في الاحتلال الحبشي و الاحتلال الفارسي الذي تلاه. و قد استمر تاثير ذلك من بعدهما من خلال استغلال اقليات قدمت الى اليمن لتغذية ذلك والمحافظة عليه. ولأن القبيلة في اليمن في الوقت الحاضر تقوم على اسس سياسية فانه قد تعارضت مع الدولة و لم تتكامل معها. وعلى هذا الاساس فانه لا يمكن ان تندمج في أي من مؤسسات الدولة الحديثة. فهي عصية على الاحزاب السياسية. والدليل على ذلك انها تعمل على التهامها بدلا من الاندماج فيها. انها عصية على منظمات المجتمع المدني لأنها تعتمد على السلاح ومنظمات المجتمع المدني تزدري السلاح والعنف. ومن اجل التعامل الناجح مع ظاهرة القبيلة فانه لا بد و ان يتم وضعها امام خيار الدولة، أي اما ان يقبل اليمنيون بالقبيلة و يتخلوا عن الدولة و اما ان يقبلوا بالدولة و يتخلوا عن القبيلة، أي انه لا يمكن الجمع بينهما، و على اليمنين ان يختاروا احدهما و يضحوا بالأخرى. المناطقية فمن المفارقات الغريبة في اليمن انه في المناطق التي عملت الدولة على اجتثاث القبيلة حلت المناطقية محلها. فتغير الاسم و بقت الوظيفة. و ربما يعود ذلك الى ان تعامل الحكومات الماضية مع ظاهرة القبيلة كان انتقائيا و شكليا. و بذلك فانها لم تعمل على احلال الدولة محل القبيلة فتحايل الناس على ذلك فغيروا الاسم و بقية الوظيفة على ما هي عليه. فغياب الدولة بوظائفها المحددة عن أي تجمع سكاني سوف لن يترك لهؤلاء السكان أي خيار الا ملء هذا الفراغ باي وسيلة كانت. و من ثم فان الولاء للمنطقة ظل منتشرا لعدم وجود أي ولاء حقيقي لأي مؤسسة اخرى أي الدولة او القبيلة. المذهبية فعلى الرغم من ان اليمنين يدينون بالإسلام باستثناء عدد محدود ممن يدينون باليهودية فان الخلافات المذهبية حادة للغاية. فبعد ان يعرف اليمنيون انفسهم بانهم يمنيون فانهم يتبعون ذلك بان يعرفوا انفسهم على اساس انهم شوافع او زيود.. ومما يزيد الامر تعقيدا ان المذهبية في الوقت الحاضر لم تقتصر على مذهبين ( زيدي و شافعي) بل توسعت لتشمل السلفي والاثني عشري و غير ذلك من المذاهب الاخرى. لو اقتصر الامر على الامور الدينية لما كان هناك آثار سلبية لها على عملية التنمية المستدامة، ولكن لسوء الحظ فان الانتماءات المذهبية قد اختلطت بالانتماءات السياسية والاجتماعية،وذلك فقد اصبحت سلاحا في هذه الصراعات. ولا شك ان كل هذه النتوءات في النسيج الاجتماعي اليمن قد ساهمت الى جانب العوامل الاخرى في اعاقة عملية اطلاق التنمية المستدامة و لا بد من العمل على معالجتها في اطار التهيئة لإطلاق هذه العملية من جديد. الابعاد التعليمية (الثقافية) ومما لا شك فيه ان التعليم يؤثر على عملية الإنتاج الاقتصادي، ذلك انه يساعد على اكتشاف الطرق الممكنة والكفاءة لعمليات خلط عناصر الإنتاج، ولذلك فان تحسين التعليم وتشجيع عملية البحث و التطوير سيساعد على الوصول الى التشغيل الكامل والكفء لجميع الموارد المتاحة، وتقع معظم مسؤولية ذلك مؤسسات التعليم والبحث العلمي، ومن الواضح ان إقامة وإدارة هذه المؤسسات يعتمد على عدد من العوامل ولعل من أهمها العلاقة بين الأسرة و المؤسسات الاقتصادية والدولة. ومن المهم ان نلاحظ ان عملية تطوير التعليم قد يؤدي الى عدم التناسق بين كل القوى العاملة ورأس المال وبنفس الكيفية السابقة. على الرغم من إن دستور الجمهورية اليمنية ينص في المادة 53 على إن “التعليم حق للمواطنين جميعا تكفله الدولة وفقا للقانون بإنشاء مختلف المدارس والمؤسسات الثقافية والتربوية, والتعليم في المرحلة الأساسية إلزامي, وتعمل الدولة على محو الأمية وتهتم بالتوسع في التعليم الفني والمهني” إلا أن أعدادا كبيرة ممن هم في سن التعليم لا يحصلون عليه. ومن يحصل عليه لا يحصل على التعليم المطلوب. بلغت نسبة الأمية في البلاد في عام 2000 بين السكان ( 15 سنة فأكثر) حوالي 55.7 % في حين كانت حوالي 62.73 % في عام 1995. بلغ الالتحاق في التعليم الأساسي ( 6-15 سنة) في عام 2000 حوالي 17.5 % من السكان و 36 % من إجمالي عدد سكان الفئة العمرية. و لذلك فأن نسبة كبيرة ممن هم في سن الالتحاق لم يلتحقوا. كما ان نسبة الطلاب في المرحلة الثانوية لا يتجاوز10 % من مجموع الفئات العمرية. و تبلغ نسبة الملتحقين في التعليم الجامعي حوالي 5 % من الفئة العمرية (19-23 سنة). وهذه نسبة منخفضة مقارنة بعدد السكان. و لم يتغير الامر كثيرا في عام 2007. فقد بلغت نسبة التحاق في المرحلة الابتدائية من التعليم الأساسي 60 % في عام 2006/ 2007 “70 % للذكور و49 % للإناث. وهناك مليوني طفل يحتاجون الصفوف أكثر لمدارس في الوقت الحاضر. و يبلغ معدل الإعادة في كل الصفوف أكثر من 5 % وأكثر من 3.9 % للإناث، و بالرغم من سياسة الترفيع الآلية في الصفوف الثلاثة الأولى إلا أن نسبة التسرّب في الصف الأول أساسي بين كل من الإناث والذكور هي أعلى نسبة بين كل الصفوف من 1 - 12 من التعليم العام حيث تصل الى “19 % للذكور و18.3 % للإناث”، ويليه الصف التاسع “1.18% للذكور و1.16 % للإناث”، أن نصف من يلتحق فقط بالصف الأول أساسي يكملون التعليم الأساسي و38 % يكملون التعليم الثانوي. و تتركز خدمات هذا النوع من التعليم في الحضر مما يفسر محدودية أعداد الملتحقين فيه ومع ذلك فان نسبة الاستيعاب ظلت منخفضة نسبيا. و يلاحظ أن الفجوة بين الريف والحضر لم تتحسن كثيرا خلال الفترة من 1994 إلى 2000. حيث كانت الفجوة 31% في عام 1994 في حين انخفضت في عام 2000 إلى%. إن ذلك يعني انه لا يوجد توزيع عادل للخدمات التعليمية بين الريف والحضر. وهناك فجوة بين الذكور والإناث في كل المستويات. فقد بلغت الفجوة الاستيعابية بين الذكور والإناث في عام 1994 حوالي 48 %، وقد ضاقت هذه الفجوة إلى حوالي 38 % في عام 2000. ولا يوجد تناسب بين عدد سكان المحافظات ونسب الالتحاق والاستيعاب سواء على مستوى التعليم الأساسي أو الثانوي أو الجامعي. و الدليل على ذلك هو انخفاض العائد على التعليم. فالدراسات التي اجريت في هذا المجال قد أظهرت انخفاض العائد على التعليم بشكل عام. حيث بلغ العائد الإجمالي على التعليم حوالي 2 %، إن تدني العائد على التعليم قد تسبب في انخفاض إنتاجية العامل. وفي هذه الحالة فان قدرة البلاد على تحقيق معدلات نمو اقتصادية كبيرة يصبح أمرا صعبا للغاية، وهذا ما حدث بالفعل. أظهرت النتائج ارتفاع عائد التعليم للإناث عن عائد التعليم للذكور. عائد الإناث بلغ حوالي 2.3 % بينما بلغ عائد الذكور حوالي 1.8 %. فكما كان العائد العام على التعليم في اليمن منخفضا فان العائد على مستويات التعليم منخفض أيضا،لكن من الملفت للنظر أن العائد على مستويات التعليم في اليمن منخفض جدا مقارنة بالدول الأخرى، أظهرت النتائج ارتفاع العائد على القراءة والكتابة على جميع مستويات التعليم يليها العائد على التعليم الجامعي، أما العائد على التعليم الابتدائي فقد كان سالب وكذلك العائد على التعليم المهني والتعليم العالي. بينما كان عائد التعليم الإعدادي والفني منخفضا جدا. من الملفت للنظر أن العائد على مستويات التعليم على مستويات المحافظات يختلف من محافظة إلى أخرى. ربما يعكس ذلك تفاوت مستويات التعليم بين المحافظات. فالمحافظات التي تتمتع بمستويات تعليم كبيرة نجد فيها العائد على المستويات الدنيا اكبر من عائد المستويات العليا والعكس صحيح أيضا. و في الختام يمكن القول بوضح و بدون لبس أو مواربة بان اليمن فشل في اطلاق عملية التنمية المستدامة على الرغم من الادعاء بخلاف ذلك. فالقطاع الصناعي ضعيف جداً و القطاع الزراعي متخلف، ويتمثل ذلك في تدني انتاجية الفدان مقارنة بالدول المشابهة وكذلك في أن الجزء الأكبر من المحاصيل الزراعية هو محاصيل إما غير نقدية أو ذات قيمة نقدية متدنية. فمحاصيل الحبوب ذات النوعية الرديئة تمثل حوالي 60 % من إجمالي قيمة المحاصيل الزراعية، وتمثل قيمة محاصيل القمح فقط 8 % من هذه النسبة. أما المحاصيل النقدية مثل الفواكه و الخضروات فتبلغ قيمتها حوالي 14 %، و الباقي هي قيمة محصول القات. فقد تضخم قطاع الخدمات نتيجة لسوء استخدام ايرادات النفط، وقد ترتب عليه فشل اليمن في تنويع مصادر الدخل فيه على الرغم من إمكانية ذلك. و لذلك فان اليمن ظل يعاني من تدني متوسط نصيب الفرد من الدخل القومي. في عام 1960 كان إجمالي الناتج القومي اليمني هو 300 مليون دولار ومتوسط نصيب الفرد من الدخل القومي هو 80 دولارا، وذلك يساوي بأسعار عام 2000 حوالي 5 مليارات ريال للناتج المحلي و 13600 ريالا لنصيب الفرد من الدخل القومي.. في عام ألفين كان متوسط نصيب دخل الفرد قريبا من 300 دولار وذلك مساوي لنفس متوسط نصيب دخل الفرد تقريبا في عام 1960،فقد نما الناتج المحلي الإجمالي في المتوسط خلال الفترة من 1990 إلى 2000 بمعدل سنوي يساوي 3.5 %، وبلغ معدل النمو السكاني خلال نفس الفترة حوالي 3.7 %، الأمر الذي يعني انخفاض نصيب الفرد من الدخل القومي. ان هذا التدني لمتوسط نصيب الفرد من الدخل القومي يرجع الى العديد من الاختلالات الاقتصادية والتي تسببت في تدني العمل الجاد و الانضباط واغتنام الفرص، فمعدل البطالات المرتفع والمزمن يدل على الاختلال الكبير في العمل الجاد المبذول في اليمن..ومن رفع نصيب الفرد من الدخل وتحسين خدمات التعليم والصحية وتحديث البنية التحتية وتوسيع هامش الحريات العامة و ترسيخ مفهوم المواطنة المتساوية وتحقيق العدالة والتكافل الاجتماعي و توفير الكرامة الانسانية لكل اليمنين فانه لا بد من اطلاق عملية التنمية المستدامة الآن وليس غدا. يتبع