وحدة الشمال والجنوب الصوماليين لا تختلف من حيث مُقدماتها ونتائجها عن حالات عربية مماثلة، فقد تمت تلك الوحدة بالتراضي التام، والاندفاع المؤكد لترجمة الرغبة الشعبية. غير أن فساد النظام أفسد الوحدة في قلوب وأفئدة الناس، وفاضت الأيام بمتاهات السلطة التي انفردت بالثروة والمقدرات. في اليمن تشابه حرب النظام والحوثيين مع الحالة الصومالية على عهد سياد بري، فقد أعادت حرب صعدة إلى الذاكرة ذات الحرب المعلنة من طرف سياد بري ضد “ متمردي الشمال” ، فيا لها من مصادفات ترينا مكر التاريخ وقوانينه الموضوعية. وفي السودان بدا شغف الجنوبيين للانفصال مفارقاً بصورة جوهرية لاتحادهم الطوعي مع الشمال بعد خروج الانجليز، وبكل حسن نية. لم يلتفت النظام العربي إلى عبرة الأقربين المتشاطئين معنا في البحر والبر، بل ذهب مستشارو الغفلة في اعتبار أن الصومال ليست اليمن أو السودان، والآن يقولون إن اليمن ليست مصر وتونس، وبالأمس القريب كانت مصر مبارك تقول إن مصر ليست تونس، وهكذا. أثبتت التجارب الماثلة أن القاسم المشترك بين الشعوب العربية يكمن في وحدة السؤال والحيرة والقلق، بل في وحدة الاستباحة التي تجسّدت في اختطاف المؤسسة من قبل السلطة، وهو الأمر الذي أضعف الدولة وجعلها مطيّة بيد حفنة من المرابين ولصوص المال العام والمجرمين وأمراء الحرب. لهذه الأسباب مجتمعة نرى أن مصر وتونسواليمنوالصومال والعراق، وغيرها من أقاليم العرب المأفونة بالفساد والظلم يتوحّد فيها المقيمون في الماضي عند حد الرفض البوّاح لما جرى ويجري، فلنعتبر. [email protected]