في عددها الصادر برقم “15450” وتاريخ 27 مارس 2012م نشرت صحيفة الجمهورية حواراً صحفياً مع الشيخ محمد بن ناجي الشائف، والذي يحتل موقعاً متقدماً في المؤتمر ممثلاً للقبيلة المتهمة بسرقة الثورة اليمنية “سبتمبر وأكتوبر”. القبيلة التي نصبت خياماً لها في ميدان التحرير بقلب العاصمة صنعاء، وتعيش على نفقة ميزانية الدولة، وتضطلع بدور توفير الحماية لرموز الفساد، الذين عاثوا في الأرض فساداً، وقد كشفت المقابلة عن قتامة المشهد السياسي والثقافي المتحوصل داخل هذه القوقعة الرتيبة الحاملة لثقافة التشبث بالسلطة. فالمؤتمر الشعبي العام مازال غير قادر على استيعاب الدرس، ولم يتعلم من الثورة التي انفجرت كالبركان في عموم الوطن اليمني من أقصاه إلى أقصاه.. ثائراً متوعداً بإسقاط رموز المؤتمر وقياداته ومحاكمتهم، وبناء الدولة التي فشل في إيجادها لما ينيف عن ثلاثة وثلاثين عاماً. فالشائف كما يقول كشيخ قبيلة مع فيدرالية تمد نفوذ قبيلته إلى الجوف ومأرب وشبوة الإقليم الذي يرقد تحت ترابه بحيرات من النفط والغاز والآثار، والعديد من الثروات التي ستجعل منه شيخاً مرموقاً يتمتع بالجاه والثروة والمكانة الاجتماعية. والفيدرالية بالنسبة له كما كانت تعني لزعيمه صالح “فدرة لي و فدرة لك” هذه هي ثقافة “الفيد والإقصاء” “والإلغاء” التي مارسها صالح وحزبه طوال فترة حكمه، وليست نظاماً سياسياً واقتصادياً وإدارياً عصرياً يقوم على المشاركة الشعبية في إدارة البلد وليست ثقافة الفيد والاستحواذ والبلطجة، والفوضى. مرحلة صالح كما قال الشائف حكم فيها ثلاثة رؤساء وليس رئيساً واحداً.. وهذه شهادة بأن صالح والمؤتمر الذي يعتز بالانتماء إليه قد فشلوا في إيجاد دولة ومؤسسات وطنية،شعروا في ظلها بالخوف وعدم القدرة على توفير الحماية لأنفسهم قبل غيرهم، وبهذه الطريقة برر حملهم للسلاح.. فكيف إذن يدافع الشائف عن سلطة فاسدة أخفقت حتى في توفير الأمن والأمان لأعضائها؟ وفي إطار ثقافة الفيد والإلغاء والاستحواذ هذه نظر الشيخ الشائف إلى مفهوم هيكلة الجيش.. معتبراً أن الحرس الجمهوري والأمن المركزي والقوات الخاصة، هي مؤسسات منظمة تنظيماً حديثاً، لا تحتاج إلى هيكلة، ومجهزة تجهيزاً حربياً، ولا ينبغي أن تغير قياداتها.. لماذا لا يفهم هنا،أن هذه القوات جهزة تجهيزاً قتالياً على حساب قوت المواطن، وهي قوات عائلية وليست وطنية، وموجهة لقمع المواطن، وتدمير المنشآت الحكومية، والممتلكات الخاصة، وقد أحدث خراباً كبيراً في عموم الوطن اليمني، وعلى وجه الخصوص في تعز وأمانة العاصمة وأرحب ونهم، والحيمة وغيرها من المناطق الأهلة بالسكان، وهي قوات موجودة داخل المدن الرئيسية وتحتل مساحات واسعة منها، وقد أحدثت رعباً كبيراً في حياة الناس. وقد تم استخدامها خلال العام المنصرم لقتل النساء وترويع الأطفال وقتلهم، وإحراق المدن والقرى والتجمعات السكانية، ولا تزال تمارس القتل والنهب وتعيق حكومة الوفاق الوطني، وتمنع الرئيس من أداء مهامه وتعيق تنفيذ المبادرة الخليجية وآليتها الدولية. ويعتبر أن الرئيس السابق الذي أحدث رعباً وخراباً واسعاً في البلاد خلال فترة حكمه الممتدة لأكثر من ثلاثة وثلاثين عاماً بطلاً وأباً روحياً للشعب والمؤتمر رغم أن الشارع لايزال هائجاً يطالب بمحاكمته .. الرئيس الذي جاء للسلطة على صهوة دبابة وهو حافي القدمين منبوذاً من زملائه والمجتمع عامة، وقد أصبح من أكبر أثرياء العالم هو وأبناؤه وأصهاره وأبناء أخيه، وعدد من أعوانه ومساعديه، وعلى الرغم من ذلك إلا أن الشائف لايزال متمسكاً بحقه في الرئاسة ورئاسة المؤتمر، ويدير ظهره عن كون هذا الشخص مطلوباً وطنياً وإقليمياً ودولياً. فكيف بشخص كهذا متهم بجرائم ليس لها أول ولا آخر أن يظل مطروحاً للرئاسة في الفترة القادمة أو لرئاسة المؤتمر.. إلا إذا نظر الشائف للمؤتمر على أنه مجموعة من الوحوش المجردة من المشاعر والأحاسيس الإنسانية ..والحكمة اليمنية وربما الدولية تعتبر أن المتستر على المجرم مجرم أيضاً والمؤتمر إذا تمسك برئاسته له فهو متستر ويستحق العقاب.. ويجاهر الشائف بانذهاله ودهشته من بقاء المؤتمر قوياً بعد هذه العاصفة التي تعرض لها بل أنه أصبح أكثر قوة وكأنه لم يستمع لصوت الشارع المطالب بمحاكمته وإخراجه من الحياة السياسية ولكن ثقافة التسامح لدى المعارضة ترى أهمية أن تظل شريكاً في الحياة السياسية، وهذه الشراكة لا يمكن أن تحقق إلا في إطار المصالحة الوطنية الواسعة والعدالة الانتقالية التي ينبغي أن يسبقها إجراءات المساءلة والاعتذار العلني المباشر للشعب وإعادة كل المنهوبات إلى أصحابها وإلى خزينة الدولة للاستفادة منها في معالجة أوضاع من تعرضوا لإجراءات القمع بمختلف أشكاله وأنواعه. وكذلك غالى الشائف بالحديث عن الديمقراطية التي تجعل صالح رئيساً للمؤتمر وأحمد مرشحاً للرئاسة وأن يفرض أشخاصاً متهمين بجرائم حرب غير مدرك بأن الديمقراطية سلوك حضاري وأخلاقي وهي احترام الآخر في احداث التحولات الديمقراطية والاقتصادية الشاملة وليست الديمقراطية إقصاء وتهميشاً وهيمنة وفرض المؤتمر كحزب وحيد والديمقراطية كما هي في مصادرها الحقيقية وحكم الشعب نفسه بنفسه وليس أن يحكمه فرد بالقوة أو يعلن المؤتمر ترشيحه لأحمد علي كمرشح رئاسي في الانتخابات القادمة فالحديث عن الانتخابات الرئاسية ما زال مبكراً وما يزال هناك استحقاقات مطلوب انجازها اجتماعاً وإنسانياً ومحلياً وإقليمياً ودولياً أبرزها وأولها محاكمة احمد علي ووالده وأولاد عمه وأصهاره وإعلان المؤتمر كمؤسسة شريكة في الحياة السياسية موقفه الواضح من هذه العصابة ومن الشائف ذاته والاعتذار للشعب علنياً عن ما اقترفوه من جرائم بحق الشعب والبلد بصفة عامة وكذا توريد ثروة البلد المنهوبة إلى خزينة الدولة وإعلان موقف مسئول من جميع مسئوليه المورطين بانتهاكات بالغة لحقوق الإنسان وعلى وجه الخصوص رئيس مجلس النواب ورئيس الكتلة البرلمانية للمؤتمر ورؤساء بعض الوحدات الإدارية ووزراء وغيرهم ممن عاثوا في الأرض فساداً. وكان من الطبيعي جداً أن يطالب الشائف حزبه أولاً بتطهير نفسه من درن الفساد والقتل وان يطالب برفع بلاطجة التحرير والذين لا يزالون يشكلون عبئاً على ميزانية الدولة.طالما وأن مبررات وجودهم في التحرير قد زالت برحيل صالح عن الرئاسة وبطريقة ساذجة ومقززة تحدث عن تعز عاصمة الثورة وقائدة التغيير وعن رموزها وشهدائها وأبطالها وتاريخها الثوري الحافل بالعطاء وعلى مبدعيها ومثقفيها.ويعترف في الأخير بأن سلطة صالح ولأكثر من ثلاثين عاماً فشلت في بناء دولة تضطلع بتوفير الحماية لرموزها هذه هي الدولة ذاتها التي يدافع الشائف عن رموزها ..والمطلوب في تقديري أن يعتذر المؤتمر رسمياً للشعب إذا كان يريد الاستمرار والانخراط في الحياة السياسية الجديدة.