ندرك جميعاً قساوة الحياة وشظف العيش التي عاشها ويعيشها اليمنيون حتى اليوم.. شعب لايزال يبحث عن أبجديات ومقومات الحياة من مأكل ومشرب؛ ليثبت للدنيا كلها أنه شعب قوي مصابر ومكافح.. شعب طيب مسالم أقصى ما يتمناه أن يعيش على أرضه كريماً عزيزاً. لكن شاء الله وشاءت أقداره أن يسلط عليه ويبتليه بحكام لا يخافون الله، ولا يخشون لعنة التأريخ عليهم.. فحكموه واستبدوا به وأكلوا خيراته، خدموا أنفسهم وغرائزهم.. وتركوا الفتات لهذا الشعب الطيب. فجاء قدر الله الغالب، وجاءت هذه الثورة المباركة لتطوي هذه الصفحة السوداء من تأريخ هذا الشعب العظيم لتفتح صفحة أخرى أكثر إشراقاً وتفاؤلاً بمستقبل اليمن القادم. فنحن اليمنيين عُرف عنا بأننا شعب متفائل بالمستقبل، على الرغم من كل الصعوبات التي نواجهها كل يوم، وما يدعونا للتفاؤل في هذه الظروف الراهنة أكثر من أي وقت مضى هي هذه الروح المتقدة والمعنويات العالية التي يعيشها شباب هذا الوطن الثائر وإصرارهم المنقطع النظير على إنجاز كل أهداف ثورتهم.. ما يدعونا للتفاؤل أيها الشعب الصابر بأن غداً سيكون أفضل هو ما نراه من حالات انهزام وارتباك واضح لبقايا النظام السابق وخروجهم من المشهد السياسي بشكل مخزٍ، تلاحقهم دعوات المظلومين من أبناء هذا الشعب الأصيل.. وهذا بدوره سينقي الأجواء وسيهيئ الظروف لإقامة مستقبل أفضل لليمن واليمنيين. ما يدعونا للتفاؤل أيها الأحباب الكرام هذه الهمة العالية والشفافية المطلقة وهذه الدموع الغالية التي تنهمر بحرقة شديدة من عيون رئيس الحكومة الانتقالية، والذي يعمل مع حكومته بكل إصرار وتحدٍ لتجاوز هذه المرحلة العصيبة. ومن أجل ذلك كله مطلوب من كل يمني في هذه اللحظة أن لا ينظر للماضي بعين الحسرة والندم.. فالماضي نعم تعيس، لكن يجب أن ننظر للمستقبل بكل تفاؤل، فالعمر كما يقال حينما تسقط أوراقه فلن تعود مرة أخرى، يجب أن ننظر لما تبقى من أوراق ونترك ما سقط منها، والأوراق في عمر وطننا لاتزال مخضرة.. لكن تريد من يرعاها ويتعهدها. أيها اليمنيون إذا كان ماضينا قد ضاع بسبب الحكام السيئين الذين حكمونا، فلايزال لدينا مستقبل صنع بدماء أبنائنا، ويجب علينا أن نشارك في رسم صورته بأيدينا. إذا كان من حكم اليمن في العقود الثلاثة الماضية قد رسم صورة حزينة وأغرقنا جميعاً في أحزاننا وأتعابنا.. فلاتزال في المستقبل أشياء كثيرة جميلة، ولايزال هناك أناس كثيرون أياديهم ونفوسهم بيضاء يمكن أن تضيء لنا مستقبلنا من جديد. لا تنظروا أيها الأحباب إلى كل الأحلام التي رسمناها في الماضي، وخذلتنا الأيادي العابثة من تحقيقها.. يجب أن نجعل من اللحظة بداية جديدة وحلماً جديداً. فكما يقال: إذا أغلق الشتاء أبواب بيتك، وحاصرتك تلال الجليد من كل مكان، فانتظر قدوم الربيع، وافتح نوافذك لنسمات الهواء النقي، وانظر بعيداً فسوف ترى أسراب الطيور وقد عادت تغني.. وسوف ترى الشمس وهي تلقي خيوطها الذهبية فوق أغصان الشجر لتصنع لك عمراً جديداً، وحلماً جديداً وقلباً جديداً.. دامت قلوبكم عامرة بالأمل أيها اليمنيون. [email protected]