علّمتني الحياة خلال ثلاثة عقود مضت أن مدرسة الصحافة هي البوابة الأولى لحرية إنسانية الإنسان، وهي الالتزام، والموقف بأمانة وشرف الكلمة المعبرة عن أحلام وآمال وآلام ومعاناة هذه الأمة الذي يتخرج على يديها الصحفي القدوة الحامل أثقال وآهات الجماهير الفقيرة الكادحة الغارق بين عرق ودموع ودماء هذه الطبقة المسحوقة، ولأنه ولد من رحم الحقيقة، وتربى في كنف النضال الثوري، الدؤوب والمستمر.. وعاش ليدافع عن حقوق المستضعفين والمحرومين والمظلومين.. فقد هيأته القدرة الإلهية ليكون الصوت والصورة، الحرف، والقلم، الدرع والسيف لمقارعة الظلم، والظلمة أينما كانوا وحلّت أرواحهم الشريرة..!! إن الصحافة ليست كما يقال بأنها مهنة المتاعب، ولا بصاحبة الجلالة لكنها هي العقل الكامل الساكن، والمتجذر في أعماق تربة ذات الصحفي المسئول عن قيادة شعب ووطن خالٍ من أدران وعبث الطغاة المستهترين بمقدراته، ومكتسباته المادية، والمعنوية.. وهو الفجر الفاضح لوطاويط ليل النساء، والمفسدين في الأرض، الحارس إرثه النبوي الممتد من صفاء، ونقاء، وعظمة الرسول الأعظم سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وآله وسلم الداعي إلى احترام حرمة الدم، والمال، والعرض، هي الثلاثية المقدسة هي الأركان الأساسية الذي سعى واجتهد وبناها وشيّد صروحها واستبسل من أجلها صحفيو وكتّاب وأدباء هذا العالم الكبير. أما الدخلاء على هذه المهنة إن وجدوا والمسترزقون على حساب تشويه سمعة هذا المقام القدسي الأعلى والأسمى فإنهم سرعان ما ينكشفون أمام صبيحة شمس الحقيقة، ويتلاشون كالسراب، ويقذف بزيفهم، وغبائهم، وقباحة أرجاس نفاقهم من أجل حفنة من المال أو الجاه الموهوم إلى البحر الشعبي العام الذي لا يقبل في أعماقه إلا الدرر المضيئة المستمدة لمعاني ووهج سحر بريقها الأخاذ من القاعدة الشعبية العريضة، صاحبة المصلحة الحقيقة والقرار الأخير في تكريم من يكرم نفسه، وعقله، وقلمه. إن ما يبذله الصحفي الجاد والمسئول والمخلص في حقل الصحافة لا شك بأنه يحصد أحلى وأزكى الثمار.. وكفاه فخراً حب الناس كل الناس لذاته وقلمه، واحترامهم، وتقديرهم لكل همسة، وبسمة، ودمعة وفرحة تقال.. حتى الخصوم من خلال تجربتي تقدر للصحفي الحقيقي الصادق والنظيف اليد واللسان دوره الريادي العظيم، ولا تخفي بالغ إعجابها بهذا الصنف الجيد غير القابل للانتهاء.. فلنكن معاً ممن يعشقون الحقيقة ويقتاتون الزهد من موائد القناعة، نحو تكريس ثقافة الصحافة.