لا أحد ينكر ان الرئيسين السابقين علي عبدالله صالح وعلي سالم البيض هما اللذان وقعا على اتفاقية اعادة الوحدة اليمنية في ال30من نوفمبر1989م واعلنا نيابة عن الشعب اليمني قيام الجمهورية اليمنية في ال 22 من مايو1990م ..ولأن الشعب كان يسترجي منهما خيرا فقد وقف بجانبهما ومنحهما الصلاحيات الكاملة للعمل بما من شأنه أن يؤسس لدولة مدنية حديثة تسودها العدالة والمواطنة المتساوية واعادة الاعتبار لليمن كدولة قوية تستعيد دورها الذي عرفت به عبر تاريخها القديم والحديث..لكن مع الأسف الشديد فقد فوجئ اليمنيون بعد ايام قلائل من قيام الجمهورية اليمنية ان الخلاف قد بدأ يدب بين الرجلين وبالتحديد اثناء زيارة الملك الراحل حسين بن طلال ملك الأردن الذي جاء الى صنعاء ليبارك للشعب اليمني بهذا المنجز الوطني العظيم. ولم تمض الا اسابيع قليلة حتى بدأت الخلافات تظهر الى السطح لتتحول في النهاية من قبل الاثنين صالح وسالم الى تآمر على الشعب اليمني ووحدته وقد توج هذا التآمر بحرب صيف 1994م التي اثبتت حقائقها انها لم تكن حربا من اجل الحفاظ على الوحدة ولا لتصحيح مسارها..بدليل ان هذه الحرب التي اعادت الشعب اليمني عشرات السنين الى الوراء قد افضت الى شيئين اثنين..الأول هو:تبني علي سالم البيض للمشروع الانفصالي..والثاني هو:تبني علي عبدالله صالح للمشروع العائلي..وقد استمر الصراع بين هذين المشروعين طيلة ال22عاما الماضية من عمر الوحدة اليمنية المباركة دون ان ينجح احدهما لأن كلا المشروعين قد اصطدما بإرادة الشعب اليمني الذي لن يسمح أبدا في التفريط بوحدته مهما جارت الظروف عليه واشتدت الهجمة التآمرية على وحدته تحت أي شعار كان عائلياً او انفصالياً..ولذلك فقد جاءت ثورة الشباب لتزيل الغشاوة عن الأعين وتكشف الحقائق للشعب وكيف ان المشروعين المتصارعين الانفصالي والعائلي قد حاول كل منهما ان يجير إرادة الشعب لصالحه..على سبيل المثال حاول صالح تحت غطاء المحافظة على الوحدة ان يجعل نفسه بطلها ومحققها مع انه عندما نزل الى عدن عام 1989م كان يحمل مشروعا كنفودراليا ومع ذلك لجأ الى قلب حقائق التاريخ واصدر توجيهاته لإزالة صورة صاحب مشروع الوحدة الاندماجية على البيض من جانبه وظل من بعد حرب 1994م يظهر وهويرفع علم الوحدة مستبعدا من كانوا بجانبه من القيادات السياسية والعسكرية المختلفة ونسب كل شيء لنفسه مستغلا عواطف ابناء الشعب اليمني وحبهم وتمسكهم بوحدتهم..وتحت هذا الغطاء طبخ مشروعه العائلي تحت نار هادئة. وكان أول ما فعله تصفية الجيش من العناصر الوطنية وهمش من كان يعتقد انهم سيعارضون مشروعه لينتهي به الأمر الى التركيز على وحدات عسكرية معينة جعل من عقيدتها العسكرية الدفاع عن نظامه وليس عن سيادة الوطن ..ولولا قيام الثورة في تونس ومصر التي امتد لهيبها الى اليمن وإلا لكانت اليمن اليوم تئن تحت نظام عائلي بامتياز. وفي المقابل حاول علي البيض من خلال مشروعه الانفصالي ان يعمل على استمالة ابناء الشعب اليمني لاكتساب تعاطفهم معه مستغلا المظالم التي ارتكبت وخاصة في حق ابناء الجنوب وصولا الى تحقيق هدفه..ولكنه عندما اصطدم بإرادة الوحدة وعدم التفريط فيها لجأ الى اسلوب قديم انتهى مع خروج الاستعمار البريطاني والسلاطين في 30نوفمبر1967م فأحيى مايردده اليوم نغمة:الجنوب العربي متخليا عن ثوريته التي عرفت عنه ومبديا في نفس الوقت ندمه لأن الجنوب اثناء وبعد الاستقلال سمي بالجنوب اليمني..مع انه يعلم ان اليمن شماله وجنوبه وشرقه وغربه واحد على مر التاريخ..وإذا كان قد مرت عليه فترات تجزأ اليمن فيها فلا يعني ذلك انه تخلى عن وحدته..وخلاصة القول مما سبق هو تأكيدنا ان علي عبدالله صالح وعلي سالم البيض وجهان لعملة واحدة ونتيجة لنكوصهما على اعقابهما فقد أراد لهما التاريخ ان يخرجا من أوسع أبوابه وفقدا مكانتهما التي كان بإمكانهما الحفاظ عليها عندما فوضهما الشعب اليمني ليوقعا باسمه على اعظم منجز يحققه في التاريخ الحديث متمثلا في قيام الجمهورية اليمنية يوم 22مايو1990م..لكن لأنهما لايستحقان هذه المكانة فإن لعنة التاريخ والشعب اليمني ستظل تلاحقهما الى ما لانهاية.