شغلونا إخواننا في المحافظات الشمالية بطبطباتهم على مآسي إخوانهم (الجنوبيين) في معاناتهم ومكابداتهم المؤلمة إلى درجة أن ثمة إجماعاً منقطع النظير صار معلناً على عدالة القضية الجنوبية وعلى الإقرار بما تعرض له أبناء المحافظات الجنوبية من ظلم وإقصاء وتهميش وسلب ونهب لحقوقهم وأراضيهم وممتلكاتهم الخاصة والعامة منذ حرب 94م المشؤومة. كل هذا شعور وطني وإنساني طيب يستحق الإشادة..! لكن يبدو أن هذا الإجماع لا يريد أن يتقدم خطوة واحدة إلى الأمام، وكأنه قد تقوقع في شرنقة الطبطبة وذرف الدموع وترديد الآهات لما جرى لأبناء المحافظات الجنوبية من قهر وظلم من قبل النظام السابق، كما تابعنا ونتابع في بكائيات إعلامية لمشايخ وسياسيين وقادة عسكريين من المحافظات الشمالية.. لكنها - كما يبدو- ليست أكثر من دموع التماسيح والحيتان التي ابتلعت الجنوب وثرواته..! ولو أن عند هؤلاء التزاماً وطنياً وأخلاقيا حقيقياً.. ولو أنهم فعلاً نادمون ومتألمون على ما فعلوه وما ارتكبوا بحق المحافظات الجنوبية من جرائم نهب وسلب.. ولو أنهم فعلاً وحدويون وحريصون على الوحدة والحفاظ عليها ومستعدون للتضحية من أجلها..! أقول لو أنهم فعلاً كذلك..لأعلنوا الآن.. وليس غداً وبصورة جماعية أو فردية.. إعادة ما نهبوه من منشآت حكومية ومساكن عامة وخاصة وعقارات وأراضٍ ..إلخ بحسب ما جاء في تقرير باصرة – هلال، الذي ذكر في الجزء المتعلق بنهب المساكن والمنشآت الحكومية أن عددها قد بلغ في عدن وحدها 1357مسكناً تم اقتحامها ونهبها، منها ثلاثة وستون عقاراً حكومياً في عدن فقط.. ولا نتحدث عن بقية المحافظات الجنوبية..! وهناك طبعاً هكتارات من الأراضي وشوارع من المباني المنهوبة.. ولكن المهم الآن أن نبدأ بهذه الخطوة الأولى لتأكيد حسن النية.. والدفعة الأولى لإعادة حقوق وممتلكات الناس.. والبادرة الأولى لإصلاح ما أفسده زمن الفيد والهيمنة والطغيان..! فهل يفعل هؤلاء..؟! [email protected]