في إحدى مقالاتي السابقة تحدثت عن أعداء النجاح في حياتنا ومؤسساتنا واستعرضت العديد من صفات وخصائص هذه الفئة من الناس التي نذرت نفسها ووقتها لمكافحة التغير الايجابي والتطوير والتحديث في مؤسساتنا وأجهزتنا الإدارية المختلفة ومن يقومون او يستهدفون إحداث هذا التغيير والتطوير . فهذه الفئة أدمنت العمل والعيش في ظل الرتابة والتقليدية والروتين الممل والذي يشكل بيئة خصبة لانتشار الفساد المالي والإداري بكل اشكاله ومظاهره . ومثل هذه الفئة توجد أيضاً في مختلف مجالات حياتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية . والقاسم المشترك بين معظم أفراد هذه الفئة من أعداء النجاح والتطوير والتغيير أنها توقفت عن مواكبة التطوير والتقدم ومعطيات العصر في تفكيرها وتخصصها وسلوكها وتعاملها مع الآخرين , لكن صوتها مرتفع وضجيجها عالٍ في المجتمع تنتقد وتقاوم أي عمليات تغيير وتطوير بحجة أن ذلك سوف يؤثر سلباً على المجتمع ومؤسسات وأفراد المجتمع !!! وبذلك أصبحت هذه الفئة بمثابة الأواني الفارغة التي تصدر ضجيجا نتيجة خلوها من كل المعاني والأفكار والمعارف والمهارات والقيم النبيلة ذات الصلة بعملية التغيير والتطوير والتقدم والنهوض بالمجتمع نحو الأفضل في مختلف المجالات . فالإنسان الممتلئ علما وثقافة , الراقي فكراً وأخلاقاً يغرف لسانه وتصرفاته من وعائه الثمين الممتلئ بهذه الأفكار والمعارف والقيم والعكس بالعكس . وهناك العديد من النماذج الرائعة في حياتنا ومجتمعنا ومؤسساتنا لأفراد أسهموا بفاعلية في تحقيق التقدم والنهوض والتطوير لمؤسساتهم ومجتمعاتهم وعملوا بصمت ودون ضجيج في هذا الاتجاه لأن عقولهم وأفئدتهم امتلأت بالعلم والخير والقيم الجميلة وحب الوطن . فانعكس ذلك على سلوكهم وسط الضجيج الذي يحدثه الفارغون من كل معاني الخير والتقدم والنهوض والتطوير للوطن والمجتمع .والذين تمتلئ بهم أروقة العديد من منظمات المجتمع ومؤسساته المختلفة . وباتوا يشكلون حجر عثرة أمام أي جهود للتطوير والتحسين والتغيير الفعال على مستوى المجتمع بشكل عام او على مستوى مؤسسات المجتمع بشكل خاص . يتفننون أو يبدعون من خلال الضجيج الذي يحدثونه بمختلف الوسائل ابتداء بمقايلهم الخاصة واليومية وانتهاء بوسائل الإعلام والصحافة التى تتيح لهم الفرصة للضجيج , وذلك لوضع الحواجز والعراقيل أمام أي جهود للتغيير ومواكبة روح العصر في مختلف المجالات , والكيد وتدبير الحيل المتنوعة والمبتكرة احياناً للنيل من كل من يعارضهم و يحمل أفكاراً خلاقة ومبدعة ويمتلك إرادة صادقة أو مخلصة لخدمة وطنه وأمته في مختلف الجوانب . وبسبب هذه العقول الفارغة في مجتمعنا ومن وفر لها البيئة المناسبة للنمو والانتشار في مختلف أجهزة ومؤسسات المجتمع برزت على السطح الكثير من الظواهر السلبية كالفساد والرشوة والمحسوبية وعدم احترام النظم والقوانين والتحايل عليها ونهب المال العام والتسيب الإداري ...وغيرها من الظواهر السيئة التي أعاقت جهود التنمية في المجتمع وجعلت منا مجتمعا متخلفا وعاجزا عن معالجة مشاكله والتقدم والنهوض ومواكبة تطورات العصر اسوة بالمجتمعات الاخري المتقدمة . لكن وبالرغم من ضجيج وتأثير هذه الأواني الفارغة فإن الأمل يظل موجوداً لدينا ويزداد توهجاً اليوم خصوصاً في ظل عمليات التغيير الواسعة التي شهدتها بلادنا والعديد من الدول العربية خلال العام الماضي والحالي . وذلك بمستقبل أفضل لمجتمعنا ووطننا وامتنا . مستقبل نشهد خلاله اختفاء وتلاشي كل اصحاب العقول الفارغة وأعداء النجاح من كل اجهزتنا ومؤسساتنا ومجتمعنا بكل الضجيج الذي احدثته هذه العقول , لتعود لهذه الأجهزة والمؤسسات عافيتها فتقودها وتديرها وتعمل بها عقول مبدعة ومتخصصة مليئة بالعلم والمعرفة والحب والولاء والإخلاص لوطنها ومجتمعها وأمتها. * أستاذ التسويق المساعد - جامعة تعز