الخيّرون هم من يوحّد ولا يبدد، وهم من يوفق ولا يفرق، وهم الذين يكبرون بحجم اليمن، ولا يرون عزة ولا شموخاً إلا في وحدة الإرادة وقوة الدولة وسلطان الدستور وهيمنة القانون. ومادمنا في الثلث الثاني من شهر رمضان الكريم فإن الأمانة تحتم علينا قول الحق الذي به تتعزز الوحدة الوطنية، وتصان الكرامة، ويعلو شأن اليمن، ويتحقق التكافل ويسود التراحم، وتختفي ظواهر الحقد والكراهية، ويعود الكل إلى جوهر الإسلام الحنيف الذي ربّى أبناءه على المحبة والوئام والصفاء ونبذ الفرقة والشتات. ولئن كان الخيّرون هم الذين حافظوا على الإيمان والحكمة فإنهم اليوم مطالبون بالحفاظ على وحدة الشعب وتعزيز التوافق الوطني، والتصدي وبقوة لكل من يريد التمزق والشتات، وهم مطالبون كذلك بالمصارحة والمكاشفة وإطلاع الشعب على ما يدور بإخلاص وأمانة، والبعد المطلق عن المجاملة والمماطلة؛ لأن مصالح البلاد والعباد تحتاج إلى الحزم الحافظ للحقوق والمانع للفسوق والجامع للمصالح والمانع للمفاسد. إن الشعب اليوم في أمسّ الحاجة إلى الصراحة التي تقود إلى الفعل النافع والمفيد الذي يحقق الخير والسعادة ويزيح كابوس القلق ويغلق أبواب الفواجع ويسد نوافذ الشر والفتن؛ لأن الإرادة الكلية للشعب الجامعة المانعة لن تقبل التضليل والوهم، ولن تجري خلف السراب. ولذلك على العقلاء أن يطلعوا الشعب على كل قول وفعل؛ لأن مكاشفة الشعب بالواقع الذي لا يحيد عن الثوابت ولا يتجاوز سيادة الدستور والقانون أمر بالغ الأهمية. إن المطلوب اليوم الاستفادة من النفحات الروحانية للشهر الكريم، وتجسيد المعاني الإيمانية في الأقوال والأفعال التي تجنب البلاد والعباد مزالق الوقوع في مهاوي الردى، ولذلك فإن التفكير بما يجب فعله بصوت مرتفع بات اليوم مطلب الإرادة الكلية للشعب، فلا يجوز إغفال هذا الجانب، وتجاوز الضوابط التي تؤمن الفعل المستنير الذي يعزز التلاحم الوطني. لقد حذرنا كثيراً من إغفال الدستور والقانون، وقلنا: إن أي تجاوز لسيادة الدستور والقانون لن يخلف إلا الفصل الضار بالصالح العام، ولذلك نأمل أن يدرك الحكماء والنبلاء أهمية التفكير بصوت مرتفع من أجل مستقبل آمن وخالٍ من النعرات بإذن الله.