يعرّف الناس المسؤولية بأنها مفسدة .. اذا أردت أن تفسد شخصاً إعطه منصباً في هذه البلاد التي لا تعرف إلا ( التباهي) والمرافقين والمسلحين والنخيط، ينسى المسؤول مسؤوليته ويذهب يسابق أقرانه في عدد السيارات والفلل والاراضي .. يعتبر المنصب الكبير فرصة يغني لها مع الشاعر( اذا هبت رياحك فاغتنمها).. وكل مصائبنا هو الفساد .. وعدم قدرة الناس على استيعاب المنصب حيث يذهب الشخص ضحية لمراسيم ومتطلبات المنصب الكبير الذي يعين فيه فيقع تحت ضغط ضعفه ورغبات البيت والعائلة والأولاد والمجتمع والمحيطين به الذين يبدأون في تحديد مساره من أول يوم .. أعرف وتعرفون جميعاً أعراس الوزراء وأبنائهم وبناتهم كيف تتم ببذخ خيالي وأثوار بالعشرات وزحمة حيث يعتبرها المسؤول فرصة لاستعراض الخواء الثقافي وفساد الضمير وواقع الحكومة والمناصب والمسؤولية التي لا تسر عدواً ولا صديقاً .. نريد قدوة .. والقدوة لا تأتي بالأمنيات إنها ثقافة مجتمعية أولاً وتربية فردية ثانياً. نأمل أن يكون التغيير الحاصل أول ما يتغلب يتغلب على المعايير الفاسدة حيث يقع المسؤول تحت ضغط ضميره وقيم المجتمع الإيجابية لتقديم الأفضل من الزهد والتواضع والالتزام بالقانون، نحن نعلم أن هذه الصفات علامة (هبالة) وضعف في مجتمع الفوضى السائدة بينما تتحول إلى صفات قوة ونجاح في مجتمع النظام واحترام الشعب .. أعني أن ما فعله وزير الداخلية عبدالقادر قحطان في عرس أولاده بلال وعمر يقدم لنا بصيص أمل ويستحق الاشادة فهو تصرف جديد من وزير داخلية كان الأصل أن يقلب الدنيا تحت فوق في عرس أولاده ويستعرض نفوذه في المجتمع والدولة كما عودنا المسؤولون لكن قحطان لم يسمع بعرس أولاده أحد إلا بعد انتهاء العرس البسيط والمتواضع لم يتناول الناس صورة الجموع ولا عدد الثيران المذبوحة ولا القوارح ولا المعدلات وإنما البساطة والذوق لم تقرح طماشة وهذا يهمنا هذه الأيام وسط أصوات المعدلات والرشاشات التي تلعلع عند الخطوبة والختان ما بالك في العرس .. قد يبدو هذا الأمر سهلاً لكنه سهل ممتنع لا ينفذه إلا مسؤول قوي في مجتمع يصر على المظاهر و(الفشرة).. ظاهرة جديدة نرجو أن تعمم قيمة المسؤول بأن يحافظ على صورته كمواطن يخدم شعبه لا أقل ولا أكثر. [email protected]