خير التابعين أويس القرني.. كما جاء في الحديث عن سيد الرسل محمد عليه الصلاة والسلام. وأويس هذا من قبيلة مراد من اليمن، وقد عاصر رسول الله ولم يره؛ لأن برّه بأمه منعه من القدوم عليه.. وقد بشّر به رسول الله صحابته وحدّثهم بأخباره، ومنها أنه كان به بياض في جسده (برص) فدعا الله أن يبرأه فابرأه .. فسأل الله أن يبقي له بمقدار موضع الدرهم في كشحه حتى تذكّره بنعمة الله عليه. سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم بشّر الصحابة بمقدمه عليهم وقال لهم أن يطلبوا منه أن يستغفر لهم، وقال لهم: إنّه يدخل في شفاعته بعدد ربيعة ومضر. كان سيدنا الفاروق كلما حجّ يسأل أهل اليمن: «أفيكم أويس»؟ فلا يجيبونه، ثم في العام الذي قبض فيه خرج للحجّ وظلّ يسأل أفواج الحجيج من اليمن: «أفيكم أويس القرني» فأجابه عمّه قال له: «يا أمير المؤمنين ومن أويس؟ إن لي ابن أخ اسمه أويس وهو أخمل ذكراً من أن نرفعه إليك»، فقال: «وأين هو ابن أخيك هذا؟» فقال : «يرعى إبلنا في أراك عرفة»، فأوهمه أنه لا يريده، ومضى هو وسيدنا الإمام علي بن أبي طالب فوجداه يصلي فقالوا له: «إنّ لنا بك حاجة فعجّل صلاتك»، ثمّ حين انتهى من صلاته قال له الفاروق: «أأنت أويس؟» قال: «نعم» قال له: «هل كان بك بياض فأبرأه الله»، قال: «نعم»، وسأله عن كل الأوصاف التي ذكرها لهم الحبيب المصطفى فقالوا له: «استغفر لنا» قال لهم: «والله إني لا أخص باستغفاري حتى نفسي، بل هو مبذول لكل أمة محمد في برهم وبحرهم». ثم قال لهما: «قد عرّفكما الله بي فمن أنتما؟!»، فعرّفاه بنفسيهما فقال: «جزاكما الله خيراً عن الإسلام والمسلمين». وأراد سيدنا الفاروق أن يعطيه شيئاً من عطائه فأبى، وقال: «قد كسبت دريهمات من عملي في رعاية إبل القوم، فمتى تراني أنفقها ولديّ نعل قد خصفته فمتى تراه يتخرق ومعي ثوب فمتى تراه يخلق». وحدّثهم عن نيته في الجهاد والقدوم على البصرة لأجل ذلك، فأراد الفاروق أن يكتب له كتاباً لأبي موسى الأشعري فقال لهم:«أريد أن أكون في غبراء الناس»، ثم ودّعهما وقال لهما: «لا أراكما بعد اليوم»، وذهب في اتجاه وذهبا في اتجاه آخر. أخبار أويس كثيرة لمن أراد استقصاءها, وكلها تنفح بعبير الزهد والقرب والرضوان, وله مقامات في أرجاء العالم الإسلامي،مع اختلاف الروايات حول مكان ضريحه الصحيح.