الأحداث التي وقعت نهاية الأسبوع المنصرم في العاصمة صنعاء احتجاجاً على الإساءة إلى نبينا الأعظم محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، ونتج عنها اقتحام السفارة الأمريكية وإحراق ممتلكاتها في ظل ضعف أو بعبارة أصح غياب أمني عن حماية السفارة .. هذه الأحداث دفعت بالأمريكيين إلى إرسال جنود من مشاة البحرية الأمريكية «المارينز» إلى صنعاء بهدف حماية مقر السفارة. دفعتان من «المارينز» وصلوا إلى صنعاء يومي الجمعة والسبت الماضيين .. وما يهمنا من هذا الذكر أننا أوجدنا مبرراً للأمريكان ليتواجدوا على أراضينا بعد أن كنا في السابق نحذر ونرفض أي تواجد أجنبي. هذا التواجد الأمريكي صحيح أنه قد يحمي السفارة الأمريكية بعد فشل قواتنا الأمنية في تأمين الحماية لها، أو أُريد أن يكون هذا الفشل لتستباح من قبل بعض المتظاهرين الذين لم يذهبوا إليها للاحتجاج وتسجيل موقف رافض للإساءة إلى نبينا عليه أفضل الصلاة والسلام وإنما ذهبوا بغرض التخريب وإثارة الفوضى والنهب لممتلكات السفارة والتي كشفتها بوضوح الصور المبثوثة والتي شاهدها العالم أجمع. ذهب المتظاهرون للانتصار للنبي الأعظم فاقتلبت الآية واكتشف العالم بأن بعض اليمنيين الحمقاء أساءوا لنبيهم وللإسلام بعد أن ظنوا أنهم انتصروا لنبيهم ولإسلامهم!. ليس بمثل تلك الحماقات التي أقدم عليها البعض سننتصر لنبينا المصطفى ولعقيدتنا الإسلامية السمحاء، كما أن الفوضى والتخريب والنهب وإحراق الممتلكات ليست من الوسائل التي يتم وفقها تسجيل موقف ما تجاه أية إساءة أو قضية من القضايا. نبينا نهى عن العصبية، نهى عن الغضب ورغم ذلك لا نزال نظهر أو نكتسي بالعصبية وبالغضب وبالحمق عند تسجيل أي موقف من المواقف التي تؤكد حبنا وإخلاصنا لعقيدتنا ولنبينا، وكأن تعاليم ديننا وتعاليم نبينا بعيدة عنا، وما حدث شاهد على ما نقول. عصبيتنا الزائدة وغضبنا الذي لا نستطيع إلجامه أو التحكم بمساره وحماقتنا التي لا حدود لها.. كل ذلك كان سبباً أو دافعاً لوصول «المارينز» إلى صنعاء.. وكلنا يعلم ماذا يعني «المارينز» وماذا يعني تواجدهم في حاضرة اليمن وعاصمتها. بالتأكيد أنا لا أقصد من ذلك بأن وجود «المارينز» يعني التهويل من قوتهم.. كلا.. وإنما أقصد بأن وجودهم يعني لتنظيم القاعدة وعناصره الإرهابية شيئاً آخر ومختلفاً، ويعني لليمنيين انتهاكاً واضحاً للسيادة ، كما يعني أن العاصمة صنعاء ستصبح جبهة جديدة للقاعدة وعناصرها الإرهابية. وجود «المارينز» في صنعاء قد يؤدي إلى زيادة كراهية الأمريكان من قبل اليمنيين، وليس من المستبعد أن يستغل تنظيم القاعدة هذا التواجد ويعلن حرباً مفتوحة في العاصمة ضد الأمريكيين!. كل الاحتمالات مفتوحة وينبغي على الإدارة الأمريكية أن تتخلى عن تحديها المعلن وتدرك خطورة وجود جنودها في صنعاء بحجة حماية مقر سفارتها. فهذا التحدي قد يحول صنعاء إلى «كابول» أو «فيتنام» أخرى وبدلاً من أن تسهم الإدارة الأمريكية في إخراج اليمن من أزمتها التي كادت تقودها إلى حرب طاحنة ستتسبب في إدخال اليمن في أزمات جديدة، اليمنيون في غنى عنها. ينبغي عودة مشاة البحرية الأمريكية «المارينز» إلى حيث أتوا وأن تقوم الأجهزة الأمنية في اليمن بحماية السفارة الأمريكية وكل البعثات الدبلوماسية المعتمدة في صنعاء ولا أعتقد أنها غير قادرة على تنفيذ هذه المهمة. والسؤال الذي ينبغي طرحه هنا هو: لماذا غابت أو غيّبت الأجهزة الأمنية لحظة اقتحام المتظاهرين «الغاضبين» للسفارة.. ولم تحتط أو تستفد من حادثة مقتل السفير الأمريكي وأربعة موظفين امريكيين في السفارة الأمريكية في بنغازي الليبية وهي الحادثة التي وقعت هناك قبل أربعة وعشرين ساعة من وقوع أحداث السفارة الأمريكيةبصنعاء وتحت المبرر نفسه «الإساءة إلى نبينا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام».. وما رأي لجنة الشؤون العسكرية والأمنية بوجود «المارينز» في صنعاء وبهذا التحدي المعلن؟.. وهل نحن أقل من السودان التي أعلنت رفضها المبدئي والقاطع لأي تواجد عسكري أجنبي على أراضيها؟!.