لم أكن أدرك أن ذلك الصباح المترصّد لخفقاتنا ورعشات آمالنا وهي تحوم أدنى من مسافة.. وأقلّ من زمن يستعر.. وثوانٍ تتماهى في التفاتة العيون وبذخ الأصابع. كان الوقت أمنية.. والحرف أغنية.. والوعد مقصلة انتظار.. وكنا على طرفيّ لهفةٍ مثقلةٍ بالتوحّد وشغفِ القرب وحيلة الوصول.. حيث لا مناص من بلوغ الأماني على جثث الحادثات. كان الضحى محراباً مؤدلجاً لأنفاسنا المتوضئة باليقين.. والليل طرقات هداية.. والنهار قيلولة تربّص.. والمدى ثورة صامتة تغلي على كيبورد الهواجس الضائعة. كنتُ أعي أن ارتعاش خافقي بتلك الغواية التي انتظرها حدسي منذ غابر العهد.. لم تكن مجرد صحو من غفلة.. أو غفوةٍ مؤقتة في تماهٍ مقنن.. وكنتُ حينها أحاول أن أصفع بياض روحي بخيبات الفقهاء الجدد وهم على ناصية التوالي يزمجرون لينضج عزمي ولا يتلكأ في لحظة زهو أو يكاد.. واقتربت. حينها.. أيقنتُ بقيدي.. أنا الهارب تذمراً وكفراً بحقيقة رعشاتٍ مؤجلة.. وسألتُ بعضي، فكلي في استثنائية رقصتهِ: «هل؟» وتصاعدتُ لهاويةٍ كم حلمتُ بوثباتها ترنحاً من سكرةٍ لا تفارق مخيلة الروح وقروية الوجل. حينها.. استعدتُ رباطة جأشي.. وشرقيتي المتأبطة ولوع الدهاء المفضوح قائلاً : «أهلاً بكِ ثورتي.. صباحك ِ أجمل».. وكان صباحها تماماً هو الأجمل.. حين سافرت حيث شاء الممغنطون بضغطة «زر» حيث تقرفصها.. يحثونها على الولوج لمدائن صبري.. وكشف قلة حيلتي وهواني على الحلم.. وكانت للوعتي بالمرصاد.. وكنتُ كما أنا.. وطنٌ من وشاية.